بقلم: يورونيوز
نشرت في
في لحظة مفصلية من التصعيد الإقليمي، وبينما كان كبار المسؤولين القطريين مجتمعين في الدوحة لمناقشة سبل تهدئة التوتر المتفاقم بين إيران وإسرائيل، تلقّت وزارة الدفاع القطرية إنذارًا عاجلًا بشأن صواريخ إيرانية متجهة نحو البلاد، بحسب ما أوردت شبكة “سي أن أن” الأميركية. الهجوم، الذي يُعد الأول من نوعه على منطقة الخليج، باغت المسؤولين، وفق ما أكده المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الذي أشار إلى أن مقر إقامة رئيس الوزراء اهتزّ بفعل اعتراض الصواريخ فوق سماء العاصمة.
كانت المنطقة تعيش على وقع القلق منذ ساعات الصباح، إذ خشيت عواصمه الثرية من انهيار صورة الاستقرار بفعل التصعيد غير المسبوق بعد 12 يومًا من الحرب بين إسرائيل وإيران، وانتهت بسلسلة ضربات أميركية استهدفت منشآت نووية إيرانية. فعّلت البحرين خطة طوارئ، وفتحت الكويت الملاجئ في مجمعات وزارية، بينما بدأ سكان دبي وأبو ظبي بحجز رحلات المغادرة أو تخزين المواد الأساسية.
في الدوحة، بدا الوضع أكثر توتّرًا، خصوصًا بعد أن أُخليت قاعدة “العديد” الجوية – أكبر منشأة عسكرية تملكها واشنطن في الشرق الأوسط – من بعض العناصر، وطُلب من الأميركيين والبريطانيين الاحتماء. وأوضحت قطر أنها رصدت تحركات مشبوهة لبطاريات صواريخ إيرانية في وقت مبكر من اليوم ذاته، لكن نية الاستهداف لم تتأكد إلا قبل ساعة من الضربة، حين تأكدت الاستخبارات القطرية أن قاعدة “العديد” هي الهدف.
مع دخول الصواريخ الأجواء، عند السابعة مساءً بالتوقيت المحلي، فعّلت الدوحة منظومات “باتريوت” الدفاعية، ونشرت 300 عنصر من قواتها المسلحة للتصدي للهجوم الذي ضمّ 19 صاروخًا إيرانيًا، وفق ما أكده الأنصاري. ونجحت الدفاعات الجوية في اعتراض سبعة صواريخ فوق الخليج، وأحد عشر فوق الدوحة، بينما سقط صاروخ في منطقة غير مأهولة داخل القاعدة، مسببًا أضرارًا طفيفة.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرّح بأن طهران أبلغت واشنطن بنيّتها تنفيذ الضربة، فإن قطر لم تتلقَّ أي تحذير مباشر من إيران، رغم أن الأخيرة كانت قد ألمحت سابقًا بأن أي هجوم أميركي على أراضيها سيجعل القواعد الأميركية في الخليج “أهدافًا مشروعة”. كما نقل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذه الرسالة مجددًا لنظرائه الخليجيين في اجتماع عقد بإسطنبول قبل يوم من الضربة.
ورغم نفي طهران وجود “نية عدوانية” تجاه قطر، رفض الأنصاري أي تلميحات بأن بلاده قد تكون وافقت ضمنيًا على الهجوم لإفساح المجال أمام تسوية إقليمية، قائلًا: “لم يكن ذلك جزءًا من أي حساب سياسي، ولن نضع شعبنا في دائرة الخطر لأجل مكاسب مرحلية”.
وبعد الضربة مباشرة، تلقّى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد اتصالًا من ترامب، أبلغه خلاله بأن إسرائيل مستعدة لوقف إطلاق النار، طالبًا من الدوحة التوسط مع إيران. حينها، بدأ التحرك الدبلوماسي المكثف، إذ تواصل رئيس الوزراء القطري مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، بينما تولى كبير المفاوضين القطريين محمد بن عبد العزيز الخليفي التواصل مع الإيرانيين.
وبحسب الأنصاري، توصلت الأطراف إلى اتفاق لوقف النار في اللحظات الأخيرة، حيث كانت كل الخيارات مفتوحة، من الرد الفوري إلى الانسحاب من الوساطة. إلا أن قطر رأت أن فرصة نادرة قد سنحت لإعادة الزخم إلى جهود السلام الغائبة عن المنطقة منذ سنوات.
وبعد ساعات فقط، أعلن ترامب عبر وسائل التواصل أن وقفًا لإطلاق النار قد تم التوصل إليه بين إيران وإسرائيل.