بقلم: يورونيوز
نشرت في •آخر تحديث
أعلنت وزارة الدفاع السورية، الإثنين، بدء نشر وحدات من الجيش في محافظة السويداء جنوب البلاد، في محاولة لاحتواء الاشتباكات الدامية التي اندلعت بين مقاتلين من الطائفة الدرزية وعشائر بدوية، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتسلّط هذه التطورات الضوء مجدداً على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة الانتقالية الجديدة منذ توليها السلطة عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، لاسيما في المناطق ذات التوزيع الطائفي الحساس.
وبحسب وزارة الدفاع، فإن العملية تتم بالتنسيق مع وزارة الداخلية وتشمل نشر وحدات متخصصة في المناطق المتأثرة، وفتح ممرات آمنة للمدنيين، والسعي إلى “فك الاشتباكات بسرعة وحسم”. وقد رافقت هذه الإجراءات دعوات من قيادات محلية ودينية إلى “ضبط النفس وتغليب الحوار”.
اشتباكات على خلفية “عمليات خطف”
ووفقاً لتقارير المرصد السوري، اندلعت المواجهات إثر حادثة خطف تاجر درزي على يد مسلحين من البدو أقاموا حواجز على الطريق الواصل بين دمشق والسويداء، ما أدى إلى عمليات خطف متبادلة وتطور الموقف إلى مواجهات مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون.
وبلغت حصيلة الضحايا، بحسب المرصد، 40 قتيلاً بينهم 27 من الدروز (بينهم طفلان)، و10 من البدو، و3 مجهولي الهوية، إضافة إلى نحو 50 جريحاً.
مخاوف من “انهيار الأمن”
ورأت وزارة الدفاع أن “الفراغ المؤسساتي” الذي رافق اندلاع العنف ساهم في اتساع رقعة الفوضى. وأكد وزير الداخلية أنس خطاب في منشور على منصة “إكس” أن غياب الأجهزة الأمنية والعسكرية “سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها”، داعياً إلى “فرض الأمن وتفعيل مؤسسات الدولة بما يضمن استعادة الاستقرار والسلم الأهلي”.
يُذكر أن مسؤولية حفظ الأمن في السويداء كانت قد أُنيطت منذ أيار/مايو الماضي بفصائل محلية درزية، بموجب اتفاق مع السلطات، في وقت تحتفظ فيه عشائر بدوية سنية بوجود مسلح في ريف المحافظة.
جذور الأزمة
الاشتباكات الأخيرة تأتي امتداداً لموجة عنف شهدتها مناطق درزية منذ نيسان/أبريل الماضي، حين اندلعت مواجهات بين مسلحين دروز وقوات الأمن في محيط دمشق والسويداء، شارك فيها أيضاً مسلحون بدو إلى جانب الأجهزة الأمنية، وأسفرت حينها عن مقتل ما لا يقل عن 119 شخصاً، بحسب المرصد. وقد أدت تلك الأحداث إلى توقيع اتفاقات تهدئة برعاية أعيان دروز وممثلين عن الحكومة، في محاولة لاحتواء التصعيد.
ودعا محافظ السويداء، مصطفى البكور، إلى التهدئة و”الاحتكام إلى العقل”، مؤكداً أن الدولة “لن تتهاون في حماية المواطنين”، فيما أصدرت قيادات روحية درزية بيانات دعت فيها إلى وقف أعمال العنف ومطالبة السلطات المركزية بتحمل مسؤولياتها.
هواجس الأقليات
منذ تولي الحكومة الإنتقالية ذات التوجّه الإسلامي مقاليد السلطة، وجّه المجتمع الدولي دعوات متكررة إلى ضرورة حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في المرحلة الانتقالية. وقد تزايدت هذه المطالب في أعقاب عدد من الحوادث الطائفية، أبرزها الهجوم الانتحاري الذي استهدف كنيسة في دمشق في حزيران/يونيو الماضي وأودى بحياة 25 شخصاً، واتهمت السلطات تنظيم “داعش” بتنفيذه.
وتُعد محافظة السويداء معقل الطائفة الدرزية في سوريا، ويُقدّر عدد الدروز في البلاد بنحو 700 ألف شخص، يتوزعون بشكل رئيسي في الجنوب، إلى جانب تواجد محدود في ضواحي دمشق ومحافظة إدلب شمال غربي البلاد.
وفي ظل استمرار التوتر، تبقى السويداء واحدة من أكثر المناطق حساسية في المشهد السوري الجديد، وسط مخاوف من انفجار أوسع.