كلما وصل النقاش داخل مجلس الشيوخ الأميركي إلى الباب المسدود بشأن تشريع حساس، اتجهت الأنظار إلى الآليات والإجراءات المعمول بها في تلك الهيئة التشريعية. يُعد تكتيك المماطلة، المعروف بـ”فيليبوستر”، تقليدًا راسخًا في عمل المجلس، حيث يعبر الأعضاء عن آرائهم ويعرقلون التشريعات.
تعود إرهاصات “فيليبوستر” إلى أولى جلسات المجلس عام 1789، عندما قرر أحد الأعضاء عرقلة مشروع قانون بالحديث لأطول وقت ممكن. هذا التكتيك يضمن لحزب الأقلية لعب دور المعارضة فعليًا والتعبير عن أصوات الناخبين.
تطور المماطلة
تزايدت حالات المماطلة التشريعية في القرن 19، وأصبحت تقليدًا راسخًا في مجلس الشيوخ. يعتبر الحديث لفترات طويلة في المجلس للتأثير على القرارات التشريعية من أبرز مظاهر هذا التكتيك.
سجل التاريخ السياسي الأميركي أرقامًا قياسية في “المماطلة”، حيث تحدث السيناتور كوري بوكر لمدة 25 ساعة و5 دقائق، محتجًا على قرارات الرئيس دونالد ترامب. تطور قواعد المماطلة جعلها عملية إجرائية بسيطة للتعبير عن الرفض.
قاعدة مضادة
في عام 1917، أقر مجلس الشيوخ قاعدة “إغلاق باب النقاش” بإنهاء النقاش والتصويت بأغلبية ثلثي الأعضاء. ومع ذلك، لم تثبت هذه القاعدة نجاعتها على مدى عقود بسبب صعوبة الحصول على أغلبية الثلثين.
في عام 1975، خُفّض عدد الأصوات اللازمة لإغلاق باب النقاش إلى 3 أخماس الأعضاء، أي 60 صوتًا من أصل 100. هذا التغيير ساعد في تسهيل عملية إنهاء النقاش.
محاولات ترامب
انتقد الرئيس ترامب تكتيك “المماطلة التشريعية” ودعا الجمهوريين لإنهائه. خلال ولايته، سعى ترامب لتحييد هذا التكتيك، لكنه واجه رفضًا من زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش ماكونيل.
رفض العديد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ تغيير قواعد المجلس واعتماد التصويت بأغلبية بسيطة، خوفًا من النتائج العكسية إذا استعاد الديمقراطيون السيطرة على المجلس.
مخاوف الإلغاء
يخشى الجمهوريون من أن إلغاء تكتيك المماطلة سيؤدي إلى سيل من التشريعات التقدمية التي لن يتمكنوا من عرقلتها. كما يتخوفون من منح واشنطن العاصمة وضع الولاية إذا اعتمدت قاعدة التصويت بأغلبية بسيطة.
تعكس المواقف في صفوف الحزبين مدى ترسخ “المماطلة التشريعية” في الممارسة السياسية، حيث قد يتطلب إلغاؤها التصويت بأغلبية 60 صوتًا.
تؤكد أدبيات مجلس الشيوخ أن تكتيك العرقلة أساسي في الدور الفريد الذي يلعبه المجلس في النظام السياسي الأميركي، سواء أشيد به أو هوجم باعتباره أداة لعرقلة الحزبية.
من المتوقع أن يستمر النقاش حول تكتيك المماطلة التشريعية في مجلس الشيوخ، مع استمرار الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين. سيكون من المهم مراقبة التطورات المستقبلية حول هذا الموضوع.













