أظهرت دراسة حديثة نشرها باحثون من كلية لندن الجامعية في مجلة “إيرث فيوتشر” أن حقن جزيئات في الغلاف الجوي قد يكون وسيلة محتملة لتبريد كوكب الأرض وتخفيف آثار الاحتباس الحراري. واستخدم الباحثون نموذجًا حاسوبيًا للمناخ يُدعى “يوكسم1” لمحاكاة تأثير حقن الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير على درجات الحرارة العالمية.
وتوصلت الدراسة إلى أن إضافة ثاني أكسيد الكبريت على ارتفاعات وخطوط عرض مختلفة يمكن أن يؤدي إلى تبريد الكوكب، حيث تنتج جزيئات دقيقة عاكسة لضوء الشمس. وأوضح الباحثون أن هذه التقنية قد تساعد في تقليل أضرار المناخ الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
فعالية إستراتيجيات الحقن المختلفة
وخلص الباحثون إلى أن فعالية إستراتيجيات الحقن تعتمد على الارتفاع وخط العرض والموسم. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الحقن على ارتفاع 13 كيلومترًا فوق المناطق القطبية فعالًا في تبريد الكوكب، وإن كان أقل فعالية من الحقن في المناطق شبه الاستوائية على ارتفاعات أعلى.
وأضاف الباحثون أن الحقن في الارتفاعات المنخفضة قد يزيد من الآثار الجانبية للتبريد، مثل توزيع التبريد الأكثر قطبية وانخفاض الفعالية في المناطق الاستوائية التي تعاني من مستويات عالية من الاحتباس الحراري.
المخاطر والآثار الجانبية
وبحسب الدراسة، فإن المخاطر الأكبر المرتبطة بهذه التقنية ليست مادية، بل اجتماعية وسياسية. فقد يؤدي تعديل درجة الحرارة العالمية إلى صراعات بين الدول حول مستويات الحقن.
ويرى الدكتور ويك سميث، المحاضر بكلية ييل للبيئة، أن هذه التقنية ليست حلاً دائمًا لتغير المناخ، بل هي “مورفين للكوكب” يمكن أن يخفف الألم بشكل كبير. وأضاف أن تحقيق صافي انبعاثات صفري يظل ضروريًا لتحقيق استقرار المناخ على المدى الطويل.
وتشير الدراسة إلى أن ضخ 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت سنويًا على ارتفاع 13 كيلومترًا يمكن أن يبرد الكوكب بنحو 0.6 درجة مئوية. وتعد هذه الكمية مماثلة لتلك التي أطلقها ثوران بركان جبل بيناتوبو عام 1991، والذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة العالمية.
التحديات والخطوات المقبلة
ولم تتطلب الدراسة تطوير طائرات خاصة للحقن، حيث يمكن استخدام الطائرات التجارية الكبيرة الحالية. ومع ذلك، يظل هناك حاجة إلى مزيد من البحث والاختبارات الميدانية لتحديد فعالية هذه التقنية وآثارها الجانبية بشكل أدق.
وفي الختام، ينتظر أن تستمر الأبحاث حول هذه التقنية، مع التركيز على تقييم المخاطر والفوائد المحتملة. ومن المتوقع أن تلعب هذه الدراسات دورًا هامًا في تحديد الخطوات المقبلة نحو تخفيف آثار الاحتباس الحراري.













