أظهرت دراسة حديثة أجريت في "كلية كينغز لندن" أن مشاهدة الأعمال الفنية الأصلية في المتاحف والمعارض الفنية يمكن أن تخفض مستويات هرمون "الكورتيزول" المرتبط بالتوتر، وتقلل من مؤشرات الالتهاب في الجسم. شارك في هذه الدراسة 50 متطوعا تم تقسيمهم إلى مجموعتين: الأولى زارت معرض "كورتولد" لتشاهد أعمالا فنية أصلية، بينما اطلعت الثانية على نسخ مطبوعة من نفس الأعمال خارج المتحف.
وفقا لنتائج الدراسة، سجلت المجموعة التي زارت المعرض انخفاضا في هرمون الكورتيزول بنسبة 22%، بينما لم يتجاوز الانخفاض 8% في المجموعة التي اطلعت على النسخ المطبوعة. كما هبطت مؤشرات الالتهاب بنسبة 30% لدى من شاهدوا الأعمال الأصلية، مما يعكس تأثيرا إيجابيا على الصحة العامة.
تأثير الفن على الصحة النفسية والجسدية
أكد الدكتور توني وودز، المشرف على الدراسة، أن الانخفاض في هرمونات التوتر ومؤشرات الالتهاب قد يسهم في الوقاية من أمراض القلب والسكري والاكتئاب. وأضاف أن تأثير مشاهدة الفن الأصيل لم يقتصر على جهاز واحد في الجسم، بل شمل الجهاز المناعي وجهاز الغدد الصماء والجهاز العصبي اللاإرادي، مما يشير إلى تأثير شامل وفعال.
لا تقتصر فوائد زيارة المعارض الفنية على الجانب النفسي فقط، بل تمتد لتشمل تأثيرات جسدية إيجابية. إذ يساهم مشهد اللوحات الأصلية، إلى جانب البيئة الهادئة والمحسّنة جماليًا في المتاحف، في خلق تجربة فريدة ومهدئة.
الفرق بين الأصل والتقليد
أوضحت الدراسة أن مشاهدة النسخ المطبوعة من الأعمال الفنية خارج المتحف لم تحقق نفس النتائج الإيجابية التي حققتها مشاهدة الأعمال الأصلية داخل المعرض.ويرجع ذلك إلى أن تجربة مشاهدة الفن الأصيل في بيئته الأصلية توفر سياقا متكاملا يشتمل على الإضاءة المدروسة والصمت المحيط، مما يعمق من تأثير التجربة.
أشارت نتائج الدراسة إلى أهمية دمج الأنشطة الثقافية في الروتين اليومي كجزء من نمط حياة صحي. وتدعم هذه النتائج تقارير اقتصادية سابقة تشير إلى أن المشاركة في الأنشطة الثقافية تساهم في تحسين الصحة العامة وزيادة الإنتاجية.
العافية الثقافية ومستقبل الأبحاث
يعد مفهوم "العافية الثقافية" أحد المفاهيم التي تربط بين المشاركة في الأنشطة الثقافية والإبداعية وتحسين الصحة العامة. وتشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية تضيف مليارات الجنيهات الإسترلينية إلى الاقتصاد سنويا من خلال تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية.
من المتوقع أن تستمر الأبحاث في استكشاف تأثير الأنشطة الثقافية على الصحة العامة، وقد تُستخدم النتائج في تطوير برامج تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والجسدية من خلال المشاركة الثقافية. وفي ضوء هذه النتائج، يمكن النظر إلى زيارة المتاحف والمعارض الفنية كجزء من استراتيجية شاملة لتعزيز العافية الشخصية.













