أعلنت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن “صرخة فزع” بعد أن قررت السلطات التونسية تعليق أنشطة العديد من المنظمات غير الحكومية مؤقتا. جاء هذا الإعلان في مؤتمر صحفي عقده رئيس الرابطة بسام الطريفي، حيث أدان هذه الخطوة ووصفها بأنها جزء من سياسة تهدف إلى “القضاء على المجتمع المدني” و”التضييق على الأصوات الحرة والناقدة”.
أكد الطريفي أن هذه القرارات لا تستهدف الأحزاب السياسية المعارضة فحسب، بل تشمل أيضا جمعيات ذات دور مكمل لجهود الدولة في مجالات لم تتمكن من الوصول إليها بشكل كامل. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي في سياق تصاعد الرقابة وتقييد الحريات المدنية في تونس.
تصاعد الرقابة وتأثيرها على المجتمع المدني
منذ يوليو 2021، شهدت تونس تراجعا حادا في الحريات المدنية بعد أن احتكر الرئيس قيس سعيّد السلطات في البلاد. وقد سُجن العديد من المعارضين بتهم مختلفة، منها “نشر أخبار كاذبة” و”التآمر ضد أمن الدولة”. وحسب مصادر حقوقية، فإن ما لا يقل عن 17 منظمة غير حكومية تلقت قرارات بتعليق نشاطها لمدة شهر خلال الأشهر الأخيرة.
وشملت هذه الإجراءات منظمات عريقة مثل “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” و”الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات”. كما تم تعليق عمل مكتب “المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب” في تونس مؤقتا. وأعربت هذه المنظمات عن مخاوفها من أن تكون الخطوة التالية هي الحل النهائي.
توترات متصاعدة حول تمويل المنظمات
منذ ثورة تونس عام 2011، كانت قضية تمويل المنظمات غير الحكومية موضوعا مثيرا للجدل. واتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد هذه المنظمات بتلقي “مبالغ خيالية من الخارج” لأغراض سياسية، وهو ما أثار توترات متصاعدة حول دور المجتمع المدني في البلاد.
وفي هذا السياق، حذرت نقابة الصحفيين التونسيين من “تصاعد الرقابة” و”ارتفاع غير مسبوق في التهديدات” ضد حرية الصحافة. وقال نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار إن تعليق نشاط بعض المواقع الإخبارية يأتي في إطار “انتشار رهيب لخطاب الكراهية ضد المعارضين”، مشيرا إلى أن “الخط التحريري لوسائل الإعلام يزعج السلطات”.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل الحريات المدنية في تونس محل قلق. ويتوقع أن تستمر التوترات بين السلطات والمجتمع المدني، مع احتمال اتخاذ مزيد من الإجراءات التي قد تؤثر على منظمات حقوقية وصحفية. وستكون المتابعة الدقيقة لهذه التطورات ضرورية لفهم الاتجاهات المستقبلية.













