غزة – تحوّل ميناء غزة إلى حطامٍ متهالك، وقوارب الصيد إلى مجرد هياكل صدئة عائمة على سطح البحر، بعد قصف إسرائيلي مكثّف. يواجه صيادو غزة تحديات غير مسبوقة في كسب عيشهم، حيث دُمّرت بنيتهم التحتية للصيد، مما يهدد مصدر رزق آلاف العائلات ويعمق الأزمة الإنسانية في القطاع.
الدمار الذي أصاب الميناء، والذي بدأ في اليوم السادس من التصعيد الحالي، امتد ليشمل أكثر من 26 صاروخًا، وقضى على غالبية قوارب الصيد وشباكه، مما أثر بشكل كبير على قدرة الصيادين على الوصول إلى مناطق الصيد التقليدية. وتفاقم الوضع نتيجة للقيود الإسرائيلية المستمرة على حركة الصيادين في البحر.
وضع الصيادين في غزة: تدهور مستمر
يعيش الصيادون في غزة وضعًا صعبًا منذ سنوات، مع القيود المفروضة على مناطق الصيد، والمضايقات المتكررة من قبل البحرية الإسرائيلية، ونقص المعدات وارتفاع تكاليفها. لكن التصعيد الأخير فاقم هذه المشكلات بشكل كبير، حيث دُمرت أجزاء كبيرة من البنية التحتية للميناء والمعدات الخاصة بالصيادين.
يقول صيادون محليون إنهم غير قادرين على ممارسة مهنتهم بشكل كامل بسبب هذه القيود. حتى التقدم بضعة أمتار إلى أعماق البحر يجعلهم عرضة للاستهداف من قبل الزوارق الإسرائيلية أو الاعتقال، بحسب شهاداتهم. هذا الوضع يجعل توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم أمرًا صعبًا للغاية.
تأثير الحرب على موسم الصيد
تسببت الحرب في فقدان موسم الصيد بالكامل، الذي يمتد عادة من أبريل إلى أكتوبر. وفقًا لرئيس النقابة العامة للصيادين، زكريا بكر، أدت هذه الخسارة إلى تراجع إنتاج الأسماك في غزة إلى 2% من مستواه السنوي السابق، الذي كان يبلغ 3500 طن. كما أدى إلى تضرر الثروة السمكية بسبب الدمار الذي لحق بحوض الميناء.
بالإضافة إلى ذلك، منع إغلاق المعابر إدخال مواد لإصلاح أو بناء قوارب جديدة، مما يزيد من صعوبة الوضع. يجد الصيادون أنفسهم مضطرين لاستخدام قوارب صغيرة بدائية، لا تتجاوز 3 أمتار، مع مجاديف خشبية لإعالة أسرهم.
خسائر فادحة في الممتلكات والأرواح
لم تقتصر الخسائر على المعدات وسبل العيش، بل طالت أيضًا الأرواح. تشير الإحصائيات إلى أن 65 صيادًا غزيًا قُتلوا منذ بداية الأزمة، وذلك نتيجة للقصف أو الاعتقال. عائلة أبو جهاد الهسي، على سبيل المثال، خسرت مركبين كبيرين وخمسة قوارب وشباكًا ومعدات بقيمة تقريبية مليون دولار أمريكي.
يعاني العديد من الصيادين من صعوبات اقتصادية حادة، مما يدفعهم إلى البحث عن بدائل للعمل، ولكنهم يواجهون تحديات كبيرة في إيجاد فرص عمل مناسبة في قطاع غزة الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة. يقول أبو جهاد، “حبّ البحر متأصل في دمي، لكن الظروف تجبرنا على التفكير في بدائل”.
يواجه قطاع الصيد في غزة أزمة حادة تتطلب تدخلًا عاجلًا لإنقاذ سبل عيش الآلاف من العائلات. تتضمن الحلول المقترحة توفير الدعم المالي للصيادين، وإعادة بناء الميناء والمرافق التابعة له، وتخفيف القيود المفروضة على مناطق الصيد، والسماح بإدخال مواد الإصلاح والبناء.
في الوقت الحالي، لا تزال الحدود البحرية مغلقة أمام معظم الصيادين، مما يحد من قدرتهم على كسب الرزق. المستقبل غير واضح، ومع استمرار القيود، من المتوقع أن تتدهور الأوضاع المعيشية للصيادين في غزة بشكل أكبر. ينتظر الصيادون قرارًا بشأن فتح الحدود البحرية وتخفيف القيود، وهو ما قد يحدث خلال مفاوضات وقف إطلاق النار القادمة، لكن يبقى ذلك مرتبطًا بتطورات الوضع السياسي والأمني في المنطقة.













