أثار مستشار الموارد البشرية ناصر الواصلي جدلاً حول ساعات العمل المثالية في المملكة العربية السعودية، مقترحًا تقليلها إلى 6 أو 7 ساعات بدلًا من 8 ساعات التقليدية. جاءت تصريحاته خلال برنامج “يا هلا” على قناة “روتانا خليجية”، حيث أكد أن هذا التغيير يمكن أن يعزز الإنتاجية ويحسن من جودة حياة الموظفين. وتأتي هذه المناقشات في ظل توجه عالمي نحو نماذج عمل أكثر مرونة.
وأشار الواصلي إلى أن أغلب الشركات والمؤسسات السعودية مجهزة تقنيًا لتطبيق نظام العمل عن بعد، لكن التحديات تكمن في ضمان الأمن السيبراني للجهات الحكومية والخاصة التي تتعامل مع بيانات حساسة. وتشير هذه النقطة إلى أهمية الاستثمار في البنية التحتية الأمنية لتسهيل التحول نحو العمل عن بعد.
أهمية تقليل ساعات العمل وزيادة المرونة
تعتبر مسألة تحديد ساعات العمل المناسبة من القضايا الهامة التي تؤثر بشكل مباشر على كفاءة الموظفين ورضاهم الوظيفي. وفقًا للواصلي، فإن الإطالة في ساعات العمل قد تؤدي إلى الإرهاق وانخفاض التركيز، مما ينعكس سلبًا على جودة العمل والإنتاجية الإجمالية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الواصلي أن العمل عن بعد والمرونة في المواعيد يساهمان في تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وهو ما يعتبر عامل جذب رئيسي للمواهب والكفاءات. هذا التوازن يمكن أن يقلل من معدلات الإجهاد والاحتراق الوظيفي، وبالتالي زيادة الولاء الوظيفي والاحتفاظ بالموظفين.
تأثير العمل المرن على المدن الكبرى
يمكن أن يكون للعمل المرن والافتراضي تأثير كبير على تخفيف الازدحام المروري في المدن الكبرى مثل الرياض. أوضح الواصلي أن توزيع ساعات العمل على فترات مختلفة يمكن أن يقلل من الضغط على الطرق في أوقات الذروة.
كما أشار إلى أن القطاعات الصناعية والتعليمية يمكن أن تستفيد بشكل خاص من تطبيق هذه الآلية، حيث يمكن للعمال في المصانع العمل بنظام الورديات، ويمكن للمعلمين والطلاب الاستفادة من جداول زمنية أكثر مرونة. هذا التوزيع يمكن أن يحسن من كفاءة استخدام الموارد ويقلل من التكاليف التشغيلية.
تجربة هولندا ونماذج العمل الحديثة
استشهد الواصلي بتجربة هولندا في تطبيق نظام العمل عن بعد بالتناوب، مؤكدًا أن هذه الآلية حققت نتائج إيجابية على صعيد الإنتاجية والعائد الاقتصادي والمجتمعي. وتشير هذه التجربة إلى أن التحول نحو نماذج عمل أكثر مرونة لا يتطلب فقط الاستعداد التقني، بل أيضًا التخطيط الجيد والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية.
هناك اتجاه متزايد عالميًا نحو تقليل ساعات العمل الأسبوعية، حيث يجري اختبار نماذج عمل بأربعة أيام في الأسبوع في بعض الدول. يهدف هذا الاتجاه إلى تحسين رفاهية الموظفين وزيادة الإنتاجية من خلال توفير المزيد من وقت الراحة والتطوير الشخصي.
وتشير الدراسات إلى أن تقليل ساعات العمل قد يؤدي إلى زيادة في الإبداع والابتكار، حيث يمتلك الموظفون المزيد من الطاقة والوقت للتفكير في حلول جديدة وتطوير مهاراتهم.
وفي سياق التغييرات الجارية في سوق العمل السعودي، يشهد مفهوم العمل عن بعد والتوازن بين العمل والحياة الشخصية (Work-life balance) اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات والمؤسسات. وتسعى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى دعم هذه التوجهات من خلال وضع السياسات والتشريعات المناسبة.
في الختام، من المتوقع أن تشهد المملكة العربية السعودية مزيدًا من النقاشات والجهود الرامية إلى تطوير نماذج عمل أكثر مرونة واستدامة. وستراقب الجهات المعنية عن كثب نتائج التجارب والتطبيقات المختلفة لتقليل ساعات العمل وزيادة العمل عن بعد، بهدف تحديد أفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها على نطاق واسع.
يبقى التحدي الأكبر في ضمان الأمن السيبراني وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التحول، بالإضافة إلى تغيير الثقافة المؤسسية التقليدية التي تركز على الحضور الفعلي في مكان العمل. هذه التطورات قد تستغرق بعض الوقت لتظهر نتائجها الملموسة، ولكنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.













