توصلت نحو 200 دولة، السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر، إلى اتفاق في ختام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “COP30” في مدينة بيليم البرازيلية، بعد مفاوضات مكثفة. الاتفاق، الذي يهدف إلى تسريع العمل المناخي، يأتي في وقت حرج مع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ وتأثيراته المتسارعة على مستوى العالم. ورغم التوصل إلى اتفاق، غاب ذكر صريح للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري من النص النهائي، مما أثار جدلاً واسعاً.
عقد المؤتمر في ظل ظروف سياسية معقدة، بما في ذلك غياب الوفد الرسمي الأمريكي، مما زاد من صعوبة التوصل إلى توافق في الآراء. ومع ذلك، تمكنت الدول المشاركة من التوصل إلى تسوية تقبلها أغلبها، مع التركيز على قضايا التمويل والتكيف ومراجعة السياسات التجارية المتعلقة بالمناخ.
الضغط من أجل خريطة طريق للوقود الأحفوري
مارس الاتحاد الأوروبي ضغوطاً كبيرة خلال المؤتمر لدفع الدول نحو اعتماد “خريطة طريق” واضحة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز والفحم. واعتبر الاتحاد الأوروبي أن هذا الإجراء ضروري لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ. لكن هذه الجهود واجهت مقاومة قوية من الدول المنتجة للوقود الأحفوري، مثل السعودية وروسيا والهند، بالإضافة إلى عدد من الدول الناشئة الأخرى.
وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى حل وسط يقضي بإدراج مسألة الوقود الأحفوري في وثيقة جانبية منفصلة، بدلاً من تضمينها في النص الرسمي للاتفاق. وقبل الاتحاد الأوروبي هذا الحل على مضض، معرباً عن خيبة أمله لعدم وجود التزام واضح بالتخلص من الوقود الأحفوري.
مواقف متباينة بين الدول
أعربت العديد من الدول عن ارتياحها للاتفاق الذي تم التوصل إليه، معتبرة أنه خطوة إيجابية نحو مواجهة تغير المناخ. في المقابل، انتقدت بعض الدول، مثل فرنسا، النص النهائي للاتفاق، واصفة إياه بأنه “عادي” وغير طموح بما يكفي.
من جهته، أشاد الوفد الصيني بالمؤتمر، مؤكداً على أهمية التضامن والتعاون الدولي في التصدي لأزمة المناخ. في حين اتهمت وزيرة التحول البيئي الفرنسية بعض الدول، بما في ذلك السعودية وروسيا والهند، بعرقلة الجهود الرامية إلى إدراج التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في النص النهائي.
مكونات اتفاق بيليم: تمويل وتكيف وتجارة
يتضمن اتفاق بيليم مبادرة طوعية تهدف إلى تسريع العمل المناخي ومساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها الحالية لخفض الانبعاثات. كما يذكّر الاتفاق بالتوافق الذي تم تحقيقه في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي عام 2023، والذي دعا إلى التخلي عن الوقود الأحفوري.
بالإضافة إلى ذلك، يدعو الاتفاق الدول الغنية إلى مضاعفة تمويل التكيف “ثلاث مرات على الأقل” بحلول عام 2035، استجابة لمطالب الدول النامية التي تحتاج إلى دعم عاجل لمواجهة آثار الاحتباس الحراري، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والفيضانات.
كما يطلق الاتفاق عملية لمراجعة كيفية مواءمة التجارة الدولية مع العمل المناخي، وهي نقطة كانت موضع خلاف في البداية، لكنها أصبحت جزءاً من الصيغة النهائية المعتمدة بعد ضغط من الصين ودول ناشئة أخرى.
أهمية التمويل للدول النامية
أكدت الدول النامية على أهمية الحصول على تمويل كافٍ لمساعدتها على التكيف مع آثار تغير المناخ وتنفيذ خطط التخفيف من الانبعاثات. وتشير التقديرات إلى أن الدول النامية تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات سنوياً لتحقيق هذه الأهداف.
الخطوات التالية ومستقبل العمل المناخي
بعد اختتام مؤتمر COP30، ستنتقل المسؤولية لاستضافة القمة المقبلة إلى تركيا وأستراليا بشكل مشترك. من المقرر أن تستضيف أنقرة المؤتمر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما ستشرف كانبيرا على المفاوضات الرسمية.
يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة الاتفاقات التي تم التوصل إليها إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع. ويتطلب ذلك التزاماً قوياً من جميع الدول، بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم والدعم التقني للدول النامية. سيكون من الضروري مراقبة التقدم المحرز في تنفيذ هذه الاتفاقات في السنوات القادمة، وتقييم ما إذا كانت كافية لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.













