قضت محكمة بريطانية بسجن رجل لمدة 13 شهرًا بتهمة سرقة لوحة “الفتاة مع البالون” الشهيرة لفنان الشوارع بانكسي من معرض في لندن. وتأتي هذه الحُكم في أعقاب سلسلة من عمليات السرقة التي استهدفت أعمال بانكسي في السنوات الأخيرة، مما أثار تساؤلات حول أمن هذه التحف الفنية القيّمة. وتُعتبر لوحات بانكسي من بين أغلى الأعمال الفنية المعاصرة، مما يجعلها هدفًا جذابًا للصوص.
وقعت السرقة في سبتمبر/أيلول 2024، وتمكنت الشرطة من القبض على لاري فريزر (49 عامًا) بعد يومين من الحادث. ورغم محاولته إخفاء هويته، تمكنت كاميرات المراقبة من التعرف عليه، وتم استعادة اللوحة التي تبلغ قيمتها 270 ألف جنيه إسترليني.
قيمة لوحات بانكسي وتزايد عمليات السرقة
تُعد لوحات بانكسي من أكثر الأعمال الفنية المعاصرة شهرةً وتقديرًا، وغالبًا ما تُباع بمبالغ طائلة في المزادات. وقد ساهمت أعماله الساخرة والسياسية في زيادة شعبيته وجذب انتباه هواة جمع التحف الفنية في جميع أنحاء العالم. لكن هذه القيمة المتزايدة جعلت أعماله هدفًا متكررًا للسرقة.
أصدر القاضي حكمًا بالسجن على فريزر بعد اعترافه بتهمة السرقة بأسلوب “الكسر والنهب”. وأكدت القاضية آن براون أن السرقة كانت “عملية وقحة وخطيرة” على منشأة غير سكنية. وتشير هذه القضية إلى الحاجة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في المعارض والمواقع التي تعرض أعمال بانكسي.
أعمال بانكسي في فلسطين والجدل حولها
لم تقتصر أعمال بانكسي على المملكة المتحدة، بل امتدت لتشمل مناطق أخرى، بما في ذلك فلسطين. وقد رسم الفنان الغامض العديد من اللوحات على جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي تعبر عن معاناة الفلسطينيين وتدعو إلى السلام.
وقد أثارت أعمال بانكسي في فلسطين جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها البعض دعمًا للقضية الفلسطينية، بينما رأى فيها آخرون استغلالًا لمعاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق الشهرة. إلا أن أعماله لا تزال تحظى بتقدير كبير من قبل العديد من الفلسطينيين الذين يرون فيها تعبيرًا صادقًا عن واقعهم.
في عام 2005، رسم بانكسي تسع صور على جدار الفصل، بما في ذلك صورة سلم يصل إلى ما فوق الجدار، وفتاة صغيرة تحمل بالونات. وفي عام 2017، افتتح فندق “وولد أوف” بالقرب من الجدار، والذي يضم أعمالًا فنية أخرى للفنان.
حادثة تمزيق اللوحة في مزاد سوذبيز
تُذكر أيضًا حادثة تمزيق لوحة “الفتاة مع البالون” في دار المزادات “سوذبيز” بلندن عام 2018. ففي اللحظة التي بيعت فيها اللوحة بأكثر من مليون جنيه إسترليني، بدأت آلة تمزيق مخبأة في الإطار في تمزيق اللوحة جزئيًا.
أثارت هذه الحادثة ضجة كبيرة في عالم الفن، وتسببت في ارتفاع قيمة اللوحة بشكل كبير. وقد اعتبر البعض أن هذا الفعل كان احتجاجًا من بانكسي على ثقافة المزادات والتركيز على الجانب المادي من الفن.
وقال كبير المحققين سكوت ماذر إن الشرطة استجابت بسرعة ليس فقط لتقديم فريزر للعدالة، ولكن أيضًا لإعادة العمل الفني إلى المعرض. ويؤكد هذا على الأهمية التي توليها السلطات لحماية التراث الفني والثقافي.
في وقت سابق من هذا العام، حاولت السلطات إزالة لوحة أخرى لبانكسي في لندن، والتي تصور قاضيًا يضرب متظاهرًا. ويُعتقد أن هذه اللوحة كانت تعليقًا على حملة القمع التي تشنها البلاد ضد مجموعة الاحتجاج “العمل من أجل فلسطين”.
من المتوقع أن تستمر أعمال بانكسي في إثارة الجدل والانتباه في جميع أنحاء العالم. ويُعد الفنان الغامض رمزًا للتمرد والتعبير الحر، ولا يزال يلهم العديد من الأشخاص من خلال أعماله الفنية الساخرة والسياسية. وستراقب الأوساط الفنية والإعلامية عن كثب أي تطورات جديدة تتعلق بأعماله أو محاولات سرقتها في المستقبل.













