تواجه نيجيريا تدقيقًا دوليًا متزايدًا بعد اختطاف مسلحين لأكثر من 300 طالب من مدرسة كاثوليكية في شمال غرب البلاد، في ثاني هجوم كبير هذا الأسبوع. يأتي هذا في أعقاب هجوم دموي على كنيسة، مما زاد الضغوط على الحكومة النيجيرية، خاصةً بعد تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ إجراء عسكري بسبب مزاعم اضطهاد المسيحيين في البلاد. وتثير هذه الأحداث تساؤلات حول الأمن المتدهور في نيجيريا وتأثيره على الاستقرار الإقليمي.
وقع الهجوم على مدرسة القديسة مريم في ولاية النيجر يوم الجمعة، ويُعدّ، إذا تأكد، أسوأ عملية خطف مدرسية في نيجيريا منذ اختطاف 276 فتاة من شيبوك عام 2014 على يد جماعة بوكو حرام. في الوقت نفسه، اختطف مسلحون 25 طالبة من مدرسة للبنات ذات أغلبية مسلمة في ولاية كبي، و64 شخصًا من ولاية زامفارا. كما هاجم مسلحون كنيسة في ولاية كوارا، مما أسفر عن مقتل شخصين واختطاف 38 مصلّيًا.
من يقف وراء أحدث الهجمات في نيجيريا؟
لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على مدرسة القديسة مريم، لكن يُعتقد أن منفذي الهجوم على الكنيسة الثلاثاء الماضي ينتمون إلى عصابة مسلحة تسعى للحصول على فدية. تعتبر هذه العصابات، المعروفة محليًا باسم “قطاع الطرق”، من العناصر الرئيسية التي تساهم في انعدام الأمن في شمال غرب نيجيريا.
تعتمد هذه العصابات على عمليات الخطف مقابل فدية، مستغلة ضعف الحماية الأمنية للمدارس واستعداد الأهالي لدفع الفدية لإعادة أبنائهم. ويقول خبراء أمنيون إن هذه الهجمات مدفوعة بالمال، وأن المدارس أهداف سهلة بسبب قلة الحراسة.
بؤر الهجمات والتوزيع الجغرافي
معظم شمال نيجيريا، الذي يضم أكثر من 20 ولاية، يعاني من انعدام الأمن، مما يؤثر على الحياة اليومية للسكان. في الشمال الغربي، تنفذ العصابات المسلحة عمليات خطف مقابل فدية، بينما يتركز نشاط جماعة بوكو حرام و”تنظيم الدولة – ولاية غرب أفريقيا” في الشمال الشرقي، حيث تسببا في أزمة إنسانية كبيرة.
وفي وسط نيجيريا، تتصاعد التوترات بسبب الصراعات على الأرض والمياه والاختلافات العرقية والدينية. وتشير بيانات من مجموعة مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة إلى وقوع أكثر من 1923 هجومًا ضد مدنيين في نيجيريا هذا العام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 3000 شخص.
هل تستهدف الهجمات المسيحيين في نيجيريا؟
على الرغم من وجود حوادث ذات طابع ديني، يرى نامدي أوباسي، المستشار في مجموعة الأزمات الدولية، أن المسلمين عانوا بقدر ما عانى المسيحيون. وتؤكد الحكومة النيجيرية أنها تعمل على حماية حرية الدين وأن مزاعم اضطهاد المسيحيين تشوه الواقع الأمني المعقد.
وتشير التقارير إلى أن التوترات العرقية والدينية تشتعل في نيجيريا بسبب تنوعها العرقي والديني. ويؤكد خبراء أن الحكومات المتعاقبة كان يمكن أن تبذل المزيد من الجهود لمواجهة الجماعات المسلحة وإنهاء العنف ومعاقبة الجناة.
وقد أمرت ست ولايات شمالية على الأقل بإغلاق المدارس خوفًا من المزيد من الهجمات. وتدرس الولايات المتحدة، وفقًا لمسؤول رفيع في وزارة الخارجية، اتخاذ إجراءات مثل العقوبات والتعاون مع البنتاغون لمكافحة الإرهاب في نيجيريا.
أدت هذه الأحداث إلى إلغاء الرئيس النيجيري بولا تينوبو لرحلاته إلى جنوب أفريقيا وأنغولا. ويواصل الجيش النيجيري، الأكبر في أفريقيا جنوب الصحراء، جهوده لمواجهة الجماعات المسلحة، بينما يسعى الزعماء التقليديون في الشمال الغربي إلى تحقيق السلام من خلال التفاوض مع العصابات.
من المتوقع أن تستمر الحكومة النيجيرية في جهودها الأمنية، مع التركيز على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. ومع ذلك، يبقى الوضع الأمني في نيجيريا غير مستقر، ويتطلب مراقبة دقيقة وتنسيقًا فعالًا بين جميع الأطراف المعنية. وستظل مسألة حماية المدنيين وضمان حرية الدين على رأس أولويات الحكومة والمجتمع الدولي في الفترة القادمة.













