حذر الدكتور خالد النمر، استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين، من مخاطر الغضب الحاد على صحة القلب والأوعية الدموية. وأشار إلى أن نوبة الغضب الشديدة قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم في غضون دقائق معدودة. يأتي هذا التحذير في سياق زيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية وتأثيرها المباشر على الصحة الجسدية.
أطلق الدكتور النمر هذا التحذير عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، موضحًا أن الاستجابة الفسيولوجية للغضب الشديد يمكن أن تشكل خطرًا على الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب الموجودة مسبقًا. وتشير دراسات سابقة إلى أن التعرض المتكرر لمشاعر سلبية قوية، مثل الغضب، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
تأثير الغضب الحاد على ضغط الدم وصحة القلب
الضغط النفسي، بما في ذلك الغضب، يحفز الجهاز العصبي السمبثاوي، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والنورأدرينالين. هذه الهرمونات ترفع معدل ضربات القلب وتضيق الأوعية الدموية، مما يزيد من ضغط الدم. بالنسبة لشخص سليم، قد تكون هذه التغييرات مؤقتة وغير ضارة، لكن بالنسبة لشخص يعاني من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب، يمكن أن تتسبب في تفاقم الحالة.
وفقًا للدكتور النمر، يمكن أن يرتفع الضغط الانقباضي بشكل ملحوظ خلال دقيقتين فقط من التعرض لغضب شديد. هذا الارتفاع المفاجئ في الضغط يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، خاصة لدى الأشخاص المعرضين للخطر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الغضب المزمن إلى تلف الأوعية الدموية على المدى الطويل.
التعامل مع الغضب والسيطرة عليه
من المهم ملاحظة أن الغضب بحد ذاته ليس دائمًا ضارًا. يمكن أن يكون الغضب بمثابة دافع إيجابي للتغيير أو للدفاع عن النفس. ومع ذلك، فإن الغضب غير المنضبط أو الشديد يمكن أن يكون مدمرًا. لذا، من الضروري تعلم كيفية التعامل مع الغضب والسيطرة عليه.
تتضمن بعض الاستراتيجيات للتعامل مع الغضب ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق والتأمل. ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن تساعد أيضًا في تقليل التوتر والغضب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون التحدث إلى صديق موثوق به أو معالج نفسي مفيدًا في معالجة المشاعر السلبية.
وفي سياق أوسع، أكد الدكتور النمر على أهمية الجانب الإنساني في الطب. ونقل عن لقاء له مع سيدة مسنة، حيث عبرت عن قلقها بشأن نار اشتعلت في مطبخها بعد الانتهاء من قسطرة قلبية. وقد أظهرت هذه اللفتة العفوية أهمية التعاطف والتواصل مع المرضى.
أهمية الصحة النفسية وعلاقتها بأمراض القلب
تتزايد الأدلة العلمية التي تشير إلى وجود علاقة وثيقة بين الصحة النفسية والصحة الجسدية، وخاصةً أمراض القلب. فالاكتئاب والقلق والتوتر المزمن يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتفاقمها. وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصحة النفسية هم أكثر عرضة لتبني سلوكيات غير صحية، مثل التدخين والإفراط في تناول الطعام وقلة النشاط البدني، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
توصي العديد من المنظمات الصحية بإجراء فحوصات منتظمة للصحة النفسية كجزء من الرعاية الصحية الشاملة. يساعد الكشف المبكر عن المشاكل النفسية في تقديم العلاج والدعم المناسبين، مما يمكن أن يحسن من الصحة العامة ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأطباء أن يكونوا على دراية بتأثير العوامل النفسية على صحة القلب وأن يأخذوا ذلك في الاعتبار عند وضع خطط العلاج.
هذا التحذير من الدكتور النمر يضاف إلى سلسلة من التوعيات حول أهمية إدارة العواطف والضغط النفسي، ويأتي في ظل تزايد معدلات الإصابة بأمراض القلب في المنطقة. تتضمن العوامل المساهمة في ذلك نمط الحياة غير الصحي، والتغذية السيئة، وقلة النشاط البدني، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية.
في الختام، يستمر التركيز على أهمية الوقاية والكشف المبكر عن عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب. من المتوقع أن تطلق وزارة الصحة حملات توعية إضافية حول إدارة الإجهاد والتعامل مع الغضب، بالإضافة إلى تشجيع الفحوصات الدورية. ستحتاج الدراسات المستقبلية إلى تحديد مدى تأثير أنواع معينة من الغضب على مجموعات سكانية مختلفة، وتقييم فعالية التدخلات النفسية والسلوكية في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب.













