أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مبادرة دبلوماسية جديدة تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، مؤكدًا إرسال مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو الأسبوع المقبل. وتأتي هذه الخطوة وسط تزايد الضغوط الدولية لإيجاد حلول للأزمة المتصاعدة، وتحديدًا فيما يخص مستقبل الأراضي المتنازع عليها، وتهدف إلى إحياء مفاوضات السلام المتوقفة، وهو ما يتطلب تقييمًا دقيقًا للوضع على الأرض وجهودًا مكثفة للوصول إلى اتفاق مقبول من جميع الأطراف، مع التركيز على إنهاء القتال.
صرح ترامب بأن ويتكوف قد يرافقه صهره جاريد كوشنر في هذه المهمة الحساسة، مشيرًا إلى أن موسكو أبدت استعدادًا لتقديم بعض التنازلات، أهمها وقف القتال وتجنب الاستيلاء على المزيد من الأراضي. ومع ذلك، لم يتم تحديد جدول زمني واضح لهذه المبادرة، إذ أكد الرئيس الأمريكي أن “المهلة بالنسبة له تنتهي عندما تنتهي الحرب”.
مفاوضات السلام في أوكرانيا: تطورات وإشكاليات
تتزامن هذه المبادرة الأمريكية مع استمرار القتال في عدة جبهات أوكرانية، وإعلان كييف عن وقوع قتلى وجرحى نتيجة للهجمات الروسية الأخيرة. وتأتي بعد أن حدد الرئيس ترامب مועدًا سابقًا كموعد نهائي لقبول أوكرانيا خطة سلام، لكنه تراجع عن هذا الإطار الزمني لاحقًا. ويُركز الجانب الأمريكي على إيجاد حلول عملية تضمن وقف إطلاق النار وتحديد مناطق السيطرة.
يواجه مسعى السلام هذا تحديات كبيرة، أهمها مسألة الأراضي المتنازع عليها. وأشار ترامب إلى صعوبة ترتيب الحدود بشكل يراعي المصالح المتبادلة، مع التأكيد على ضرورة تجنب تقسيم الأراضي بشكل تعسفي. تتطلب هذه العملية عملية معقدة تتضمن مفاوضات دقيقة حول وضع الأراضي المحتلة والحدود الدولية.
ومن الجانب الروسي، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف استعداد موسكو للمفاوضات، ولكنه شدد على رفض أي خطة سلام تتعارض مع التفاهمات التي تم التوصل إليها في القمة السابقة مع الرئيس ترامب في ألاسكا. يصر الجانب الروسي على ضمانات أمنية قوية تحمي مصالحه وتمنع أي تهديدات مستقبلية.
موقف أوروبا من مبادرة السلام الأمريكية
لا يزال موقف أوروبا من مبادرة السلام الأمريكية حذرًا، حيث أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن شكوكه بشأن جدية روسيا في وقف إطلاق النار. وشدد ماكرون خلال اجتماع افتراضي لـ”تحالف الراغبين” على ضرورة وجود ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، وليس مجرد وعود غير ملزمة. هذا التحالف يدعو إلى استمرار الضغط على روسيا حتى تتعهد بوقف القتال بشكل كامل.
شارك في الاجتماع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو للمرة الأولى، مما يعكس التنسيق المتزايد بين الولايات المتحدة وأوروبا في جهود حل الأزمة. وأكد المجتمعون في بيان مشترك على أن أي حل يجب أن يحترم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ويتوافق مع القانون الدولي، وهو ما يشمل ميثاق الأمم المتحدة.
الوضع الميداني وتصاعد حدة القتال
على الصعيد الميداني، تتواصل الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والروسية في شرق البلاد، مع تقدم محدود للقوات الروسية بالقرب من مدينة سيفيرسك. أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ ضربات واسعة النطاق استهدفت منشآت عسكرية أوكرانية. يشير الوضع الميداني إلى صعوبة تحقيق أي تقدم دبلوماسي ملموس دون وقف القتال بشكل فعلي.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت تقارير عن هجمات أوكرانية بطائرات مسيرة على الأراضي الروسية، مما أسفر عن سقوط إصابات. وتشير هذه الهجمات إلى تزايد حدة التوتر بين البلدين وتصاعد خطر التصعيد العسكري.
مزاعم حول وجود مرتزقة عرب في صفوف الجيش الروسي
في تطور آخر، ذكر مركز تنسيق معاملة الأسرى في أوكرانيا أنه حدد هوية أكثر من 18 ألف أجنبي يقاتلون في صفوف الجيش الروسي. ووفقًا للمركز، فإن نصف هؤلاء الأجانب من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، بينما يأتي الباقي من دول أفريقية، والهند، وبنغلاديش، والعراق، واليمن، وغيرها. وترتبط هذه المزاعم بجهود روسيا لتجنيد مقاتلين أجانب لدعم عملياتها العسكرية.
من المتوقع أن تتكثف الجهود الدبلوماسية في الأيام القادمة، مع وصول ستيف ويتكوف إلى موسكو وبدء المفاوضات مع المسؤولين الروس. يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت هذه المفاوضات ستؤدي إلى وقف القتال وإحياء عملية السلام، أم ستستمر الأزمة في التصاعد. من المهم متابعة ردود الأفعال الرسمية من كلا الجانبين وتقييم التطورات الميدانية لتحديد المسار المستقبلي للأزمة في أوكرانيا. وستظل مسألة الضمانات الأمنية لأوكرانيا نقطة الخلاف الرئيسية التي يجب معالجتها للوصول إلى حل دائم.













