دعا قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى لعب دور في إحلال السلام في السودان، في ظل استمرار الحرب الدائرة منذ أبريل 2023. يأتي هذا الطلب بينما لا تزال المحادثات الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار تواجه صعوبات، وتتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد. وتعتبر الحرب في السودان من بين أخطر الأزمات في العالم، حيث تسببت في مقتل الآلاف وتشريد الملايين.
تطورات الأزمة السودانية ودعوة البرهان للتدخل الأمريكي
نشر البرهان مقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال، عبّر فيه عن اعتقاده بأن ترامب يمتلك القدرة على الضغط من أجل إنهاء الصراع. وأشار إلى أن الشعب السوداني يرى في ترامب “قائدًا يتحدث بشكل صريح ويتصرف بحزم”، معربًا عن أمله في أن يتخذ خطوات ملموسة للمساعدة في تحقيق السلام. هذه الدعوة تأتي بعد إبداء ترامب اهتمامًا بالحرب، إثر طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
أبعاد الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع
اندلعت الحرب الأهلية في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، بسبب خلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي، وهو جزء من خطة انتقالية نحو الحكم المدني. الصراع له جذور عميقة في التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد منذ عقود.
وتسببت الحرب في أزمة إنسانية كارثية، حيث أُجبر أكثر من 12 مليون شخص على النزوح من منازلهم، ويعاني الملايين من نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية. وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم.
اتهم كل من الجيش وقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب، بما في ذلك استهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية. وفي يناير الماضي، خلصت الولايات المتحدة إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت أعمال إبادة جماعية في إقليم دارفور غرب السودان.
ومع ذلك، يرى البرهان أن قوات الدعم السريع تمثل تهديدًا وجوديًا للدولة السودانية، واصفًا إياها بأنها “ميليشيا إبادة جماعية عازمة على تدمير المجتمعات”. ويؤكد أن الصراع هو خيار بين “دولة ذات سيادة تحاول حماية مواطنيها، وميليشيا إبادة جماعية”.
جهود الوساطة الدولية والتعقيدات السياسية
تبذل عدة دول ومنظمات إقليمية ودولية جهودًا للوساطة بين الطرفين المتنازعين، بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. الوساطة في السودان تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة لحل الأزمة.
ومع ذلك، فقد واجهت هذه الجهود العديد من العقبات، بما في ذلك رفض الطرفين التعاون بشكل كامل والالتزام بشروط مسبقة. أعلن المبعوث الأمريكي مسعد بولس أن الطرفين لم يقبلا خطة الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، على الرغم من موافقة الجيش السوداني الأولية عليها، قبل أن يضيف إليها شروطًا اعتبرت “مستحيلة التحقيق”.
في المقابل، اتهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان المقترح الأمريكي بأنه “الأسوأ” ومنح شرعية لقوات الدعم السريع. وأكدت الإمارات أن رفضه المتكرر يعكس سلوكًا معرقلاً للسلام.
في الوقت نفسه، أعلن رئيس قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عن بدء وقف إطلاق نار أحادي الجانب، وهو ما وصفه المتحدث باسم الجيش بأنه “مناورة سياسية”. وتشير التقارير إلى استمرار عمليات القتل الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر، مع اتهامات لمنظمة العفو الدولية لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب.
مستقبل الأزمة السودانية
لا يزال مستقبل الأزمة في السودان غير واضح، مع استمرار القتال وتصاعد الأزمة الإنسانية. من المتوقع أن تستمر الجهود الدولية للوساطة في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول عملية لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
من بين الأمور التي يجب مراقبتها عن كثب، رد فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على دعوة البرهان، ومدى استعداد الطرفين المتنازعين للتعاون مع الجهود الدولية. كما أن تطورات الوضع في الفاشر، واحتمال وقوع المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، يمثلان مصدر قلق بالغ.
يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حل سياسي شامل يضمن مشاركة جميع الأطراف السودانية في بناء مستقبل البلاد، ويضع حدًا لدور الميليشيات المسلحة.













