شهدت مدينة اللاذقية السورية، يوم الثلاثاء، 26 نوفمبر 2025، احتجاجات تطالب بالإفراج عن معتقلين، وتحولت إلى اشتباكات مع قوات الأمن، مما أدى إلى إصابات في صفوف الطرفين. وتأتي هذه التطورات في سياق تزايد المطالبات بالتغيير والإصلاح في مناطق مختلفة من سوريا، وتحديدًا فيما يتعلق بمساءلة عناصر من النظام السابق. وتثير هذه الاحتجاجات مخاوف بشأن استقرار الوضع الأمني والسياسي في البلاد.
أفادت وزارة الداخلية السورية بإصابة اثنين من عناصر الأمن وعدد من المدنيين خلال هذه الاحتجاجات. ووفقًا لتصريحات قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، عبد العزيز الأحمد، فقد تعرضت قوات الأمن لإطلاق نار مباشر من قبل أفراد قالت الوزارة أنهم مرتبطون بـ “فلول النظام البائد”.
اتهامات لفلول الأسد واندلاع التوترات
اتهمت وزارة الداخلية السورية مجموعات مرتبطة بـ “خلايا إجرامية تابعة لفلول النظام البائد” بتأجيج الفوضى والتحريض على العنف خلال الاحتجاجات. وأشارت إلى قيام هذه المجموعات بالاعتداء على قوات الأمن وتخريب الممتلكات العامة. وتأتي هذه الاتهامات في وقت تشهد فيه سوريا جهودًا لإعادة الاستقرار وبناء المؤسسات بعد سنوات من الحرب والصراع.
تزامنت هذه الأحداث مع مظاهرات مماثلة في مناطق أخرى من الساحل السوري، بالإضافة إلى حماة وحمص، حيث طالب المتظاهرون بالإفراج عن معتقلين من الطائفة العلوية وإرساء نظام حكم فيدرالي. ويُظهر هذا التوسع الجغرافي للاحتجاجات عمق الإحباط والسخط الشعبي المتزايد.
مطالبات بالإفراج عن معتقلين
ركزت الاحتجاجات بشكل كبير على المطالبة بالإفراج عن معتقلين، خاصةً أولئك الذين يزعم أنهم ارتكبوا جرائم وانتهاكات خلال فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد. ووفقًا لتقارير من مراقبين محليين، فإن قائمة المعتقلين المطلوب الإفراج عنهم تتضمن شخصيات بارزة لها علاقات قوية بالنظام السابق. وقد أثارت هذه المطالبات تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة الحالية لمساءلة المسؤولين عن الماضي.
تصاعد التوترات الطائفية
أعرب المسؤولون السوريون عن قلقهم من أن الاحتجاجات قد تتطور إلى صراعات طائفية. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، إن الوزارة تحافظ على حق التعبير عن الرأي، لكنه يجب أن يتم في إطار القانون. وأضاف أن “الجهات التي تروج وتسوّق للفوضى في مناطق الساحل كلها موجودة خارج البلاد”. وتدعو الحكومة إلى التهدئة والحوار، مع التحذير من أي محاولة لزعزعة استقرار البلاد.
التداعيات الأمنية والسياسية
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تحاول فيه سوريا التعافي من سنوات طويلة من الحرب الأهلية والصراعات السياسية. وتثير هذه التطورات مخاوف بشأن قدرة الحكومة على الحفاظ على الأمن والاستقرار، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة. كما تضع ضغوطًا إضافية على الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وتشير بعض التحليلات إلى أن هذه الاحتجاجات قد تكون مدفوعة بعوامل متعددة، بما في ذلك الفساد المستشري والبطالة المتزايدة وغياب العدالة. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك جهات خارجية تسعى إلى استغلال هذه التوترات لتحقيق أهدافها السياسية.
تُعد خطة التعافي الاقتصادي، المدعومة من الأمم المتحدة، ذات أهمية بالغة في تخفيف حدة التوترات. ومع ذلك، يواجه تنفيذ هذه الخطة تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص التمويل والعقبات البيروقراطية.
من المتوقع أن تصدر وزارة الداخلية السورية بيانًا تفصيليًا خلال الأيام القليلة القادمة، يتضمن نتائج التحقيقات في الأحداث الأخيرة وتقييمًا للوضع الأمني. وينبغي مراقبة ردود فعل مختلف الفصائل السياسية والاجتماعية على هذه الأحداث، بالإضافة إلى تطورات الوضع الأمني في المناطق الأخرى من سوريا. كما أن مستقبل الإصلاحات السياسية والاقتصادية سيكون حاسمًا في تحديد مسار الأزمة السورية.













