بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في سلطنة عُمان 1.362 مليار دولار في عام 2025، مما يجعل الكويت ثالث أكبر مستثمر في عُمان على مستوى العالم، وذلك وفقًا لتصريحات السفير العماني لدى الكويت. وتأتي هذه الزيادة الكبيرة في الاستثمارات بالتزامن مع تعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة، بما في ذلك الطاقة والصناعة والسياحة، ويشكل هذا تطوراً هاماً في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
أكد السفير العماني لدى الكويت، الدكتور صالح الخروصي، خلال مؤتمر صحفي، أن سلطنة عُمان تحتفل بذكرى اليوم الوطني المجيد، وأن العلاقات العمانية الكويتية تعتبر نموذجًا للعلاقات العربية المتينة. وأشار إلى سلسلة من المحطات البارزة التي شهدها عام 2025، والتي عكست تطور الشراكة الثنائية، بما في ذلك زيارة رسمية قام بها أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر المبارك الصباح، لسلطنة عُمان في أكتوبر الماضي، والتقائه بسلطان عمان، هيثم بن طارق.
نمو الاستثمارات الكويتية في سلطنة عُمان
أظهرت البيانات الحكومية نموًا ملحوظًا في التبادل التجاري بين الكويت وعُمان، حيث بلغ 5 مليارات دولار في عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 120٪ مقارنة بالعام السابق. وسجل النصف الأول من عام 2025 تبادلاً تجارياً بقيمة 2.3 مليار دولار، ومن المتوقع الإعلان عن أرقام النصف الثاني في بداية عام 2026. بالإضافة إلى ذلك، تعد الكويت من أبرز الدول المستثمرة في سلطنة عُمان، حيث بلغت استثماراتها المباشرة 1.362 مليار دولار في عام 2025، مما يضعها في المرتبة الأولى خليجيًا وعربيًا والثالثة عالميًا بعد المملكة المتحدة وأمريكا.
مشروع مصفاة الدقم الاستراتيجي
يعتبر مشروع مصفاة الدقم، الذي يتم تنفيذه بالتعاون بين شركة البترول الكويتية العالمية ومجموعة أوكيو، من أبرز أوجه التعاون الاستراتيجي بين البلدين. وقد نجحت المصفاة في اجتياز اختبار الموثوقية للمقرضين، مما أتاح لها الحصول على ضمانات تمويلية تتجاوز 4 مليارات دولار. وقد تجاوز أداء المصفاة التشغيلي الطاقة التصميمية، حيث بلغت 25.5 ألف برميل يوميًا، وتم تصدير أكثر من 410 آلاف طن من المنتجات إلى الأسواق العالمية.
تعزيز السياحة والتبادل الثقافي
شهد قطاع السياحة بين البلدين تطورًا ملحوظًا، حيث أطلقت وزارة التراث والسياحة العمانية حملة ترويجية في الكويت تحت شعار “عمان للجمال عنوان”. وبلغ عدد السياح الكويتيين الذين زاروا عُمان حتى نهاية سبتمبر 33.154 سائحًا، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد 50 ألف سائح بنهاية عام 2025. بالإضافة إلى ذلك، تسعى سلطنة عُمان إلى زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، حيث تم مضاعفة رحلات الكويت إلى صلالة في موسم الخريف إلى 14 رحلة أسبوعيًا.
وفي مجال التبادل الثقافي، تم اختيار سلطنة عُمان كضيف شرف لمعرض الكويت للكتاب في دورته الـ 48. وستعرض عُمان خلال المعرض إنجازاتها الثقافية والتراثية، وستكرم الكاتب العماني محمد بن الزبير كشخصية ثقافية للمعرض. كما سيشارك الأمين العام للمتحف الوطني العماني في الموسم الثقافي الثلاثين لدار الآثار الإسلامية، بالإضافة إلى مشاركة المؤسسات الثقافية الكويتية في العديد من الفعاليات والمهرجانات داخل سلطنة عُمان وخارجها.
الأمن الغذائي والبنية التحتية الإقليمية
تولي سلطنة عُمان والكويت أهمية كبيرة لتعزيز الأمن الغذائي، حيث استمرت الصادرات العمانية من المنتجات الغذائية إلى الكويت، وتم التوصل إلى تفاهمات مشتركة حول مشاريع الاستزراع السمكي. ومن المتوقع أن يشهد التبادل التجاري في هذا المجال نقلة نوعية مع بدء تشغيل الربط السككي بين أبوظبي وميناء صحار، والذي سيتصل لاحقًا بالشبكة الحديدية الخليجية وصولًا إلى الكويت. وسيساهم هذا الربط في تخفيض تكاليف النقل مقارنة بالوسائل التقليدية.
وتعمل سلطنة عُمان والكويت أيضًا على تطوير التعاون في مجال الطاقة النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. بالإضافة إلى ذلك، توجد فرص واعدة للتعاون الصناعي المشترك في قطاعات السيارات والتعدين، مما يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين. وتعتبر هذه المشاريع الاستراتيجية جزءًا من رؤية أوسع لتنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو المستدام في كلا البلدين.
يتمتع البلدان بتوافق تام في المواقف السياسية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ويشهد البلدان تنسيقًا مستمرًا بين وفودهما في المنظمات الدولية، انطلاقًا من دعمهما للحوار والوساطة كسبيل لحل النزاعات. ومن المقرر أن يعقد اجتماع وزراء الدفاع بدول مجلس التعاون قبل نهاية العام، حيث تتولى الكويت رئاسة الدورة الـ 45 للمجلس، وشهدت خلالها أكثر من 200 اجتماع رفيع المستوى في عام 2025، ليتم نقل الرئاسة إلى مملكة البحرين في ديسمبر المقبل.
من المتوقع أن يستمر التعاون الوثيق بين الكويت وسلطنة عُمان في مختلف المجالات، خاصة مع استئناف العمل في مشاريع الربط الإقليمي وتطوير البنية التحتية. وسيتطلب ذلك متابعة التقدم المحرز في تنفيذ هذه المشاريع، وقياس الأثر الاقتصادي والاجتماعي لها على كلا البلدين. كما يجب مراقبة التطورات الإقليمية والدولية، وتقييم تأثيرها على العلاقات الثنائية، بهدف تعزيزها وتطويرها في المستقبل.













