أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليقًا شاملاً لمعالجة طلبات الهجرة من 19 دولة، بما في ذلك السودان واليمن وليبيا، مما يثير قلقًا واسع النطاق بين المتقدمين للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية الأمريكية. يأتي هذا القرار في إطار تشديد عام على سياسات الهجرة، ويُعزى رسميًا إلى “مخاوف تتعلق بالأمن القومي والسلامة العامة”. هذا الإجراء الجديد يهدد بشكل خاص آمال الشباب العربي في الهجرة إلى الولايات المتحدة.
الخطوة الأخيرة، التي أُعلنت في الرابع من ديسمبر 2025، تشمل تعليقًا لطلبات الحصول على البطاقة الخضراء (الإقامة الدائمة) والجنسية، بالإضافة إلى عمليات التدقيق الروتينية للمهاجرين من الدول المعنية. وقد جاء الإعلان بعد حادثة إطلاق نار بالقرب من البيت الأبيض، مما زاد من الضغوط لتطبيق إجراءات أكثر صرامة.
تأثير تعليق الهجرة على المتقدمين من الدول العربية
يأتي تعليق معالجة طلبات الهجرة في وقت يشهد فيه نظام الهجرة الأمريكي بالفعل تأخيرات كبيرة. ووفقًا لبيانات دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية، بلغ عدد الملفات المعلقة أكثر من 1.3 مليون طلب لجوء في نهاية عام 2024. هذا القرار سيزيد من هذا العدد، ويطيل فترة الانتظار للمتقدمين.
يشمل التعليق الدول التي كانت تخضع بالفعل لحظر سفر منذ يونيو الماضي، وهي: أفغانستان، وبروما، وتشاد، والكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن. بالإضافة إلى ذلك، أُضيفت سبع دول أخرى إلى القائمة: بوروندي، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوغو، وتركمانستان، وفنزويلا.
الخلفية السياسية للقرار
منذ توليه منصبه في بداية العام، أولى الرئيس ترامب اهتمامًا خاصًا بملف الهجرة. وقد أرسل عملاء اتحاديين إلى المدن الكبرى لتعقب المهاجرين، ورفض استقبال طالبي اللجوء عند الحدود مع المكسيك. يعكس هذا القرار استمرارًا لسياسة “أولاً أمريكا” التي يتبناها الرئيس.
يرى مراقبون أن حادثة إطلاق النار بالقرب من البيت الأبيض، والتي أدت إلى مقتل أحد أفراد الحرس الوطني وإصابة آخر، كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت هذا الإجراء. ومع ذلك، يشددون على أن القرار يتماشى مع الاتجاه العام الذي تسلكه إدارة ترامب في ملف الهجرة.
ردود الفعل الأولية
أثار القرار الجديد قلقًا واسع النطاق بين المهاجرين من الدول المعنية، الذين كانوا يأملون في الحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية الأمريكية. وقد أعرب العديد منهم عن خيبة أملهم، وشعروا بأن أحلامهم قد تبخرت. كما أثار القرار جدلاً قانونيًا، حيث يرى بعض الخبراء أنه قد يكون تمييزيًا وغير دستوري.
أشار آرون ريشلين-ميلنك من مجلس الهجرة الأميركي إلى أن بعض المتأثرين كانوا “على وشك الحصول على الجنسية بعد إنهاء جميع المتطلبات”، قبل أن تتوقف معاملاتهم فجأة. هذا يعكس الإحباط الذي يشعر به الكثيرون.
بالإضافة إلى ذلك، أثار القرار مخاوف بين منظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنه قد يعرض حياة طالبي اللجوء للخطر، خاصة أولئك القادمين من دول تشهد صراعات مسلحة. الهجرة إلى الولايات المتحدة كانت دائمًا خيارًا للكثيرين الباحثين عن الأمان والفرص.
وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في عدد طلبات اللجوء خلال عام 2024، حيث تلقت دائرة خدمات الهجرة والجنسية حوالي 420 ألف طلب لجوء إيجابي، واستقبلت محاكمة الهجرة ما يقارب 851 ألف طلب لجوء دفاعي. هذا الارتفاع أدى إلى زيادة الضغط على النظام، وربما ساهم في اتخاذ هذا القرار.
تأشيرات الهجرة وغيرها من مسارات الدخول القانونية معرضة الآن لمزيد من التدقيق، وقد يجد المهاجرون المحتملون صعوبة أكبر في الحصول على الموافقة على طلباتهم. الوضع القانوني للمهاجرين الحاليين في الولايات المتحدة قد لا يتأثر بشكل مباشر، لكن القرار يعكس مناخًا عامًا من عدم اليقين.
من المتوقع أن تقوم إدارة ترامب بإجراء “إعادة مراجعة دقيقة” لجميع المهاجرين من الدول المدرجة في القائمة، بما في ذلك إجراء مقابلات إضافية لتقييم أي تهديدات محتملة للأمن القومي والسلامة العامة. لا يزال من غير الواضح متى ستنتهي هذه المراجعة، ومتى ستستأنف معالجة طلبات الهجرة.
في المستقبل القريب، من المرجح أن يستمر الجدل حول هذا القرار، وأن تواجه إدارة ترامب تحديات قانونية وسياسية. يجب على المهاجرين من الدول المعنية متابعة التطورات عن كثب، والبحث عن المشورة القانونية إذا لزم الأمر. من المهم أيضًا مراقبة تأثير هذا القرار على نظام الهجرة الأمريكي بشكل عام، وعلى قدرة الولايات المتحدة على جذب العمال المهرة والمهاجرين الذين يساهمون في الاقتصاد.













