تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مع إعلان مجموعة “حنظلة” السيبرانية الإيرانية عن تمكنها من اختراق أنظمة تتعلق بكبير المهندسين النوويين الإسرائيليين، إسحاق غيرتز، وترك باقة ورود داخل سيارته. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتصعيد التهديدات السيبرانية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، مما يثير تساؤلات حول الأمن السيبراني للمنشآت الحساسة والأفراد المرتبطين بالبرامج النووية. هذا الاختراق السيبراني أثار جدلاً واسعاً حول دوافعه وتأثيره المحتمل.
وقعت الحادثة في ذكرى مرور خمس سنوات على اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده عام 2020. أعلنت مجموعة “حنظلة” أنها حصلت على بيانات شاملة لغيرتز، بما في ذلك معلومات الاتصال وعناوين الإقامة وتفاصيل العمل الحالية والسابقة، بعد اختراق نظام مركز سوريك الإسرائيلي للأبحاث النووية. لم تصدر السلطات الإسرائيلية أي تعليق رسمي حتى الآن.
تفاصيل الاختراق السيبراني وأهدافه
وفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية “إيسنا”، فإن إسحاق غيرتز يشغل منصب مهندس أنظمة في منشأة سارف النووية، وهي منشأة تعتبر حيوية في تطوير القدرات النووية الإسرائيلية. يُعد غيرتز شخصية رئيسية في مشاريع تطوير الأسلحة النووية الإسرائيلية، مما يجعله هدفًا استراتيجيًا محتملًا.
العملية، التي وثقتها المجموعة بفيديو نشر على الإنترنت، تظهر وضع باقة زهور داخل سيارة غيرتز أمام منزله. هذا الفعل الرمزي، على الرغم من بساطته، يهدف إلى إرسال رسالة حول قدرة إيران على الوصول إلى أهداف داخل إسرائيل، حتى تلك التي يُفترض أنها محمية بشكل جيد.
الرسالة الموجهة إلى نتنياهو
لم يقتصر الأمر على الاختراق وترك باقة الزهور، بل وجهت مجموعة “حنظلة” رسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يُلاحق قضائيًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية. دعت الرسالة نتنياهو إلى إعطاء الأولوية لشؤون شعبه بدلاً من السعي للسيطرة عليه، في إشارة إلى الأوضاع الداخلية في إسرائيل والاحتجاجات المستمرة ضد سياساته.
علاوة على ذلك، أعلنت المجموعة عن مكافأة مالية قدرها 10 آلاف دولار لأي شخص يقدم معلومات حول شخصيات إسرائيلية حساسة، مما يشير إلى استمرارها في جمع المعلومات وتنفيذ عمليات استخباراتية. هذا الإجراء يثير مخاوف بشأن الأمن الشخصي للمسؤولين الإسرائيليين.
ردود الفعل المتباينة على العملية
تباينت ردود الفعل على العملية بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي. أشاد البعض بالعملية باعتبارها ضربة أمنية ناجحة ووسيلة للرد على اغتيال فخري زاده، بينما سخر آخرون منها واعتبروها مجرد استعراض للقوة لا يرقى إلى مستوى التهديدات الحقيقية.
أحد المغردين اعتبر العملية رسالة تحذيرية لإسرائيل، مشيرًا إلى أنها دليل على قدرة إيران على اختراق الأنظمة الأمنية الحساسة. في المقابل، انتقد مغرد آخر العملية ووصفها بأنها “تفاهة” مقارنة بالعمليات التي نفذتها إسرائيل ضد علماء نوويين إيرانيين.
كما عبرت مغردة أخرى عن استيائها من عدم اتخاذ المجموعة الإيرانية إجراءً أكثر صرامة ضد غيرتز، متسائلة عن سبب الاكتفاء بترك باقة زهور بدلاً من استهدافه بشكل مباشر. هذه التعليقات تعكس الانقسام العميق في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع التوترات المتصاعدة.
العملية تشير أيضاً إلى زيادة استخدام الحرب السيبرانية كأداة للتعبير عن التهديدات والرد عليها في المنطقة. هذا التحول يمثل تحديًا جديدًا للأمن الإقليمي، حيث يصعب تحديد مصدر الهجمات السيبرانية وتتبعها.
تداعيات محتملة ومستقبل التوترات
من المرجح أن تؤدي هذه العملية إلى زيادة الضغط على إسرائيل لتعزيز دفاعاتها السيبرانية وحماية منشآتها النووية. قد تشمل هذه الإجراءات زيادة الاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني وتطوير بروتوكولات جديدة للكشف عن الهجمات السيبرانية والاستجابة لها.
بالإضافة إلى ذلك، قد تشجع هذه العملية مجموعات سيبرانية أخرى على استهداف إسرائيل، مما يزيد من خطر وقوع هجمات مماثلة في المستقبل. من المتوقع أن تشهد المنطقة تصعيدًا في التوترات السيبرانية في الأشهر المقبلة، خاصة مع استمرار الخلافات حول البرنامج النووي الإيراني.
في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل سترد على هذا الاختراق الأمني. ومع ذلك، من المرجح أن تقوم بتحقيق شامل في الحادث لتحديد نقاط الضعف في أنظمتها الأمنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع هجمات مماثلة في المستقبل. يجب مراقبة التطورات في هذا الملف عن كثب، خاصةً أي تصريحات رسمية من الجانبين الإسرائيلي والإيراني.
التحليل الأولي يشير إلى أن هذه العملية قد تكون مجرد بداية لحملة سيبرانية أوسع نطاقًا، وأن التوترات الإقليمية ستستمر في التصاعد. من المهم أيضًا ملاحظة أن الأمن النووي يمثل مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي، وأن أي تهديد لهذا الأمن يجب أن يؤخذ على محمل الجد.













