واشنطن – تستكشف الكاتبة المغربية ليلي العلمي، من خلال أعمالها الأدبية المكتوبة باللغة الإنجليزية، تجارب الهجرة والهوية واللغة، مقدمةً منظورًا فريدًا للقراء حول تعقيدات الانتماء في عالم متغير. لم يكن اختيارها للكتابة بالإنجليزية مسارًا مباشرًا، بل تطورًا نابعًا من ظروف شخصية وأكاديمية، ليثمر عن مسيرة إبداعية حافلة بالجوائز والتقدير النقدي.
بدأت قصة العلمي مع الأدب من خلال النصوص الفرنسية في المغرب، لكنها اتجهت لاحقًا نحو دراسة اللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة. هذا التحول لم يكن مقصودًا، بل جاء كنتيجة لمسارها التعليمي، ليتحول في النهاية إلى فرصة لاستكشاف العالم من خلال وسيط لغوي مختلف. خلال إقامتها في الولايات المتحدة، أصبحت طبيعة هويتها معقدة، مما أثر بشكل كبير على كتاباتها.
ليلي العلمي: رحلة من المغرب إلى الأدب الإنجليزي
وُلدت ليلى العلمي في المغرب عام 1968، ونشأت في بيئة ثقافية متنوعة حيث تتعايش العربية والفرنسية. على الرغم من أنها بدأت رحلتها مع القراءة من خلال الأدب الفرنسي، إلا أن تجاربها الشخصية وانتقالها إلى الولايات المتحدة دفعتها إلى تبني الإنجليزية كلغة للتعبير عن أفكارها ورؤيتها للعالم. لم يكن هذا الانتقال سهلاً، فقد واجهت تحديات في التكيف مع ثقافة جديدة وفي إيجاد صوتها الخاص في لغة ليست لغتها الأم.
بدايات إبداعية وتجربة الهجرة
في التسعينيات، انتقلت العلمي إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراستها في اللسانيات. هناك، بدأت رحلتها ككاتبة، مستلهمة من تجاربها كـمهاجرة ومن التحديات التي تواجهها المجتمعات المشتتة. وتجسدت هذه التحديات في مجموعتها القصصية الأولى، “الأمل ومساعٍ خطيرة أخرى” (2005)، التي سلطت الضوء على مأساة المهاجرين المغاربة الذين يغامرون بحياتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط.
تبع ذلك صدور رواية “الابن السري” (2009)، والتي تحولت فيها إلى مدينتها الأصلية، الدار البيضاء، للكشف عن قصة شاب يكشف عن هويته الحقيقية. ثم جاءت رواية “ما رواه المغربي” (2014)، وهي عمل تاريخي مستوحى من قصة أول مستكشف أسود لأمريكا، وهو مغربي مُستعبد. حققت هذه الرواية نجاحًا كبيرًا ونالت العديد من الجوائز المرموقة، بما في ذلك جائزة الكتاب الأميركي وجائزة الكتاب العربي الأميركي.
استكشاف قضايا الهوية والمواطنة
تواصل العلمي استكشاف قضايا الهوية والمواطنة في روايتها “الأميركيون الآخرون” (2019)، حيث تناولت تجربة المهاجرين في أمريكا وكيف يمكن اعتبارهم “مواطنين من الدرجة الثانية”. هذا الاتجاه النقدي انعكس بشكل واضح في كتابها غير الروائي، “مواطنون مشروطون” (2020)، الذي سلط الضوء على الشروط والقيود التي تفرض على المجنسين في الولايات المتحدة، وكيف أن مفهوم المواطنة يمكن أن يكون مشروطًا بالعرق والخلفية الثقافية والاجتماعية.
وتشير العلمي إلى أن الكتابة باللغة الإنجليزية لم تكن خياراً واعياً، بل جاءت كنتيجة لتطورها الأكاديمي والشخصي. هي تصف نفسها بأنها “ضيفة” على اللغة الإنجليزية، لكنها نجحت في تحويل هذه الغربة إلى مصدر للإلهام والإبداع. وتضيف أنها غالباً ما تتخيل شخصياتها تتحدث بالعربية، ثم تقوم بترجمة أفكارها إلى الإنجليزية لإضفاء عمق وتعقيد على كتاباتها.
تأثير العلمي وإرثها الأدبي
فرضت ليلي العلمي نفسها كصوت متميز في الأدب المعاصر، حيث تتقاطع كتاباتها مع قضايا الهجرة وال identity والانتماء. أعمالها تتميز بأسلوبها السردي القوي وقدرتها على خلق شخصيات معقدة ومتعددة الأبعاد، مما جعلها محط اهتمام النقاد والقراء على حد سواء.
وفي الوقت الحالي، تواصل العلمي الكتابة والتدريس، ولا تزال أعمالها تلهم النقاش والتفكير في القضايا التي تتناولها. من المتوقع أن تصدر لها أعمال جديدة في المستقبل القريب، مما سيؤكد مكانتها كأحد أهم الأصوات الأدبية في جيلها. يراقب المهتمون مسيرتها الأدبية لمعرفة كيف ستستمر في استكشاف هذه الموضوعات المعقدة وتقديم وجهات نظر فريدة ومثيرة للتفكير.













