:
شهد المتحف الوطني السعودي بالرياض فعاليات المعرض المشترك لآثار دول مجلس التعاون، والذي يبرز التراث الخليجي الغني وتنوعه الثقافي. وقد شاركت دولة الكويت في هذا الحدث البارز بمجموعة قيمة من القطع الأثرية، مكونةً بذلك جزءًا هامًا من هذا العرض الذي يستعرض ماضي دول الخليج الست. يهدف المعرض، الذي افتتح مؤخرًا ويستمر حتى 30 يونيو الحالي، إلى تعزيز الهوية الثقافية للمنطقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
يُقام المعرض دوريًا كل سنتين، وتتولى دول مجلس التعاون تنظيمه بالتناوب، مما يعكس استمرار التعاون الثقافي والتأكيد على أهمية صون الآثار المشتركة. النسخة الحالية تستضيفها المملكة العربية السعودية، وتحظى بدعم ورعاية من هيئة التراث السعودية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. تشهد الفعالية إقبالًا لافتًا من الزوار والمهتمين بمجال الآثار والتاريخ.
أهمية المشاركة الكويتية في المعرض الأثري
تضمنت مشاركة الكويت في المعرض الحالي 25 قطعة أثرية متنوعة، تعكس مراحل مختلفة من تاريخها العريق. وتشمل هذه القطع الأدوات الحجرية والفخارية، بالإضافة إلى النقوش والكتابات القديمة، وأعمال الفنون والعمارة، والحلي الثمينة، والأدوات التي كانت تستخدم في الحياة اليومية. وقال محمد بن رضا، الأمين العام المساعد لقطاع الآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أن هذه القطع تسهم في إثراء المعرض وتعزيز فهم الزوار للتراث الكويتي.
تكنولوجيا العرض والتركيز على التفاعل
لم يقتصر المعرض على عرض القطع الأثرية التقليدي، بل اعتمد على استخدام تقنيات رقمية ووسائط حديثة لتقديم تجربة معرفية معاصرة للزوار. تتضمن هذه التقنيات إعادة تمثيل للمشاهد التاريخية، مما يعزز فهمهم للمسار الحضاري للجزيرة العربية. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل المعرض على أنشطة تفاعلية تهدف إلى إشراك الزوار وجعل التجربة أكثر متعة وتعليمًا.
وتركز هذه الأنشطة على تقديم معلومات تفصيلية حول القطع الأثرية وتاريخها وأهميتها الثقافية. كما تسعى إلى إبراز الترابط بين حضارات دول مجلس التعاون الخليجي، وكيف ساهمت هذه الحضارات في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة. هذا التوجه نحو التفاعل يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية جعل التراث الثقافي في متناول الجميع.
وأشاد بن رضا بمستوى التنظيم الذي يشهده المعرض هذا العام، مؤكدًا أنه يعكس التزام دول مجلس التعاون بتعزيز حضور تراثها الحضاري وتطوير العمل المتحفي. وأضاف أن تبادل الخبرات والمعارف بين الدول الأعضاء يساهم في الحفاظ على الهوية الثقافية للأجيال القادمة. وتشكل هذه الفعاليات منصة مهمة لتعميق الوعي المجتمعي بقيمة الآثار وأهمية صونها.
التعاون الخليجي في مجال حفظ التراث
يعتبر المعرض المشترك لآثار دول مجلس التعاون تجسيدًا للتعاون الوثيق بين الدول الأعضاء في مجال حفظ التراث وصون الموروث المشترك. يأتي تنظيم المعرض في إطار جهود هيئة التراث السعودية، وبالتنسيق مع المتحف الوطني وهيئة المتاحف، وبشراكة استراتيجية مع الأمانة العامة لمجلس التعاون. يهدف هذا التعاون إلى تعزيز الهوية الثقافية للمنطقة على المستويين الإقليمي والدولي، ودعم استدامة العمل الخليجي المشترك في المجال الثقافي.
ويتجاوز هذا التعاون حدود المعرض ليشمل العديد من المبادرات والمشاريع المشتركة التي تهدف إلى حماية المواقع الأثرية وتوثيقها وترمميها. كما يشمل تبادل الخبرات والمعلومات بين المتخصصين في مجال الآثار والمتاحف، وتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل لرفع مستوى الكفاءات.
وتشير التقارير إلى أن دول مجلس التعاون تواجه تحديات مشتركة في مجال حفظ التراث، مثل التدهور الطبيعي للمواقع الأثرية، والتهديدات الناجمة عن الأنشطة البشرية، والحاجة إلى توفير التمويل اللازم لعمليات الحماية والترميم. لذلك، فإن التعاون الإقليمي يعتبر ضروريًا لمواجهة هذه التحديات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في ختام فعاليات المعرض، من المتوقع أن يتم مناقشة الخطط المستقبلية لتطوير التعاون الخليجي في مجال الآثار والمتاحف. وستتركز الجهود على زيادة الوعي بأهمية التراث الثقافي، وتشجيع السياحة الثقافية، وتوفير الحماية اللازمة للمواقع الأثرية. من المقرر أن تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة النسخة القادمة من المعرض في عام 2026، وهو ما ينتظره المهتمون والخبراء بشغف لمواصلة هذا الحوار الثقافي البناء.













