تشارك دولة الكويت في ملتقى دولي هام يهدف إلى تطوير التعليم الجامعي في العالم العربي، وذلك من خلال ممثلها، الأمين العام لمجلس الجامعات الحكومية المكلف، د.جاسم العلي. ينعقد هذا الملتقى في مملكة البحرين خلال الفترة من 2 إلى 3 ديسمبر 2025، تحت رعاية منظمة اليونسكو، ويجمع وزراء ومسؤولين وخبراء من قطاع التعليم العالي لمناقشة التحديات والفرص المستقبلية. يمثل هذا الحدث فرصة لدولة الكويت لتبادل الخبرات والمساهمة في صياغة مستقبل التعليم في المنطقة.
الملتقى الدولي حول تطوير التعليم الجامعي يركز بشكل رئيسي على مواءمة البرامج التعليمية مع متطلبات سوق العمل المتغيرة باستمرار، بالإضافة إلى استشراف المهارات والوظائف التي ستكون مطلوبة في المستقبل. تأتي مشاركة الكويت في هذا التوقيت بالتزامن مع جهودها الوطنية لتحديث وتطوير قطاع التعليم العالي، بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035 وأهداف التنمية المستدامة.
تطوير التعليم الجامعي: رؤية الكويت في مواجهة تحديات المستقبل
أكد د.جاسم العلي، خلال مشاركته في الجلسة الوزارية المعنونة “مستقبل التعليم الجامعي في الدول العربية”، على أهمية التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها الكويت لتطوير برامجها الأكاديمية. وشدد على ضرورة تعزيز العلاقة بين المؤسسات التعليمية وأصحاب العمل لتلبية احتياجات سوق العمل بشكل فعال. يأتي هذا التركيز في سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم العربي، والتي تتطلب قوى عاملة مؤهلة وقادرة على التكيف.
ذكرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن جهود الكويت في تحديث التعليم الجامعي تركز على عدة محاور رئيسية. يتضمن ذلك رفع جودة البرامج الأكاديمية، وتبني معايير عالمية في الاعتماد الأكاديمي، وتشجيع البحث العلمي والابتكار. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الكويت إلى تطوير المناهج الدراسية لتضمين مهارات المستقبل مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والعمل الجماعي.
أهمية التعاون العربي في تطوير التعليم العالي
أشار د.العلي إلى الأهمية القصوى لتعزيز التعاون العربي وتبادل الخبرات في مجال التعليم العالي. ويعتبر هذا التعاون ضروريًا لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التكامل بين المؤسسات التعليمية في المنطقة. وذكر أن تبادل أفضل الممارسات والمعرفة يمكن أن يسهم بشكل كبير في رفع مستوى التعليم العالي في جميع الدول العربية.
تعتبر قضية جودة التعليم الجامعي من بين القضايا الأكثر إلحاحًا التي تواجه الدول العربية. تتطلب مواجهة هذه القضية استثمارات كبيرة في البنية التحتية التعليمية، وتأهيل الكوادر التدريسية، وتطوير المناهج الدراسية. كما يتطلب الأمر وضع آليات فعالة لتقييم جودة التعليم، ومراقبة أداء المؤسسات التعليمية.
المهارات والمهن المستقبلية: محور التركيز
يركز الملتقى بشكل خاص على تحديد المهارات والمهن التي ستكون لها الأولوية في المستقبل القريب. وفقًا لتقارير منظمة العمل الدولية، من المتوقع أن تشهد بعض القطاعات نموًا كبيرًا في السنوات القادمة، مثل قطاع التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية. يتطلب ذلك من المؤسسات التعليمية العربية تطوير برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الطلاب لهذه المهن.
تستثمر الكويت بشكل متزايد في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، وذلك بهدف تعزيز قدراتها في الابتكار والتنافسية. وتشجع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الطلاب على الالتحاق بالبرامج الدراسية ذات الصلة بهذه المجالات. وترى الوزارة أن الاستثمار في هذه المجالات ضروري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتنويع مصادر الدخل الوطني.
في المقابل، هناك تحديات تواجه تطوير التعليم الجامعي في الكويت وخارجها، من بينها محدودية الموارد المالية، ونقص الكوادر المتخصصة، والتغيرات السريعة في متطلبات سوق العمل. ومع ذلك، يبدو أن هناك إرادة سياسية قوية لتجاوز هذه التحديات، وتحقيق نقلة نوعية في قطاع التعليم العالي.
أشار بعض الخبراء إلى أهمية التركيز على التعليم المستمر والتدريب المهني، وذلك لمساعدة العاملين على اكتساب المهارات اللازمة لمواكبة التغيرات في سوق العمل. يعتقدون أن هذه المهارات تساعد الأفراد على زيادة فرصهم في الحصول على وظائف أفضل، وتحسين مستوى معيشتهم. وهذا يتماشى مع رؤية الكويت في تطوير قوى عاملة مؤهلة ومتدربة.
بشكل عام، يمثل الملتقى الدولي لتطوير التعليم الجامعي فرصة مهمة للدول العربية لتبادل الخبرات، وتحديد التحديات، وصياغة استراتيجيات مشتركة لتطوير قطاع التعليم العالي. ويعتبر التركيز على مهارات ومهن المستقبل أمرًا ضروريًا لضمان أن تكون المؤسسات التعليمية العربية قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل، وتحقيق التنمية المستدامة.
من المتوقع أن يصدر الملتقى ببيان ختامي يتضمن توصيات حول تطوير التعليم الجامعي في الدول العربية. ستتابع منظمة اليونسكو تنفيذ هذه التوصيات، وستقدم الدعم للدول العربية في جهودها لتحديث وتطوير قطاع التعليم العالي. وسيكون من المهم مراقبة التقدم المحرز في هذا المجال، وتقييم مدى فعالية الاستراتيجيات المتبعة.












