أعلنت مؤسسة بيل وميليندا غيتس، يوم الخميس، أن التراجع في المساعدات الدولية قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة في وفيات الأطفال دون سن الخامسة هذا العام. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 200 ألف طفل إضافي قد يموتون، مما يعكس تراجعًا مقلقًا في التقدم الذي تحقق على مدى عقود في مجال صحة الأطفال، ويهدد أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بخفض معدل وفيات الأطفال.
وقالت المؤسسة إن الزيادة المتوقعة في الوفيات تمثل أول ارتفاع في وفيات الأطفال التي يمكن الوقاية منها منذ بداية القرن الحادي والعشرين. فمن المتوقع أن يرتفع عدد الوفيات من 4.6 مليون حالة في عام 2024 إلى 4.8 مليون حالة في العام الحالي، مما يشير إلى تأثير كبير لظروف التمويل الحالية على صحة الأطفال العالمية.
تخفيضات المساعدات وتأثيرها على صحة الأطفال
يتتبع تقرير “حراس الأهداف” السنوي التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على الصحة والرفاه. وعادة ما يتم نشر التقرير في شهر سبتمبر، لكنه تأخر هذا العام بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بتمويل الصحة على مستوى العالم.
بدأت عمليات خفض المساعدات الدولية في الولايات المتحدة في بداية العام، وسرعان ما تبعتها دول مانحة رئيسية أخرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا. وبشكل عام، أظهر التقرير انخفاضًا في المساعدات الإنمائية العالمية المخصصة للصحة بنسبة تزيد قليلاً عن 27% في عام 2024 مقارنة بالعام السابق.
أسباب تراجع المساعدات
تُعزى هذه التخفيضات إلى عدة عوامل، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية العالمية، وتغير الأولويات السياسية لدى بعض الدول المانحة، وتزايد الديون على الدول النامية. وقد أدى ذلك إلى تقليل الموارد المتاحة للبرامج الصحية الأساسية، مثل التطعيم، والرعاية الصحية الأولية، وتوفير الأدوية المنقذة للحياة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المؤسسة إلى أن هشاشة الأنظمة الصحية في بعض الدول، وعدم كفاية الاستثمار في البنية التحتية الصحية، قد فاقما من تأثير تخفيضات المساعدات. وهذا يجعل هذه الدول أكثر عرضة للأزمات الصحية، وأقل قدرة على تقديم الرعاية اللازمة للأطفال.
وحذر التقرير من أن استمرار هذه التخفيضات في التمويل قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في وفيات الأطفال على المدى الطويل. وتقدر المؤسسة أنه بحلول عام 2045، قد يرتفع عدد الوفيات بين الأطفال بسبب هذه التخفيضات بين 12 و 16 مليون حالة، اعتمادًا على مستويات التمويل المستقبلية.
وتستند هذه التقديرات إلى نماذج تحليلية متطورة من معهد القياسات الصحية والتقييم التابع لجامعة واشنطن. وتأخذ هذه النماذج في الاعتبار مجموعة واسعة من العوامل، بما في ذلك مستويات التمويل، وتغطية الخدمات الصحية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية في مختلف البلدان.
وشدد بيل غيتس على أهمية تكثيف الجهود لمواجهة هذا التحدي، ودعا الحكومات والأفراد إلى زيادة استثماراتهم في صحة الأطفال. كما أكد على ضرورة التركيز على الأدوات الجديدة المبتكرة، والحلول ذات الفعالية المثبتة، مثل التطعيم، والاستثمار في الرعاية الصحية الأولية، لتعزيز صحة الأطفال في جميع أنحاء العالم.
وتشير المؤسسة إلى أن الاستثمار في صحة الأطفال ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل هو أيضًا استثمار اقتصادي واجتماعي. فالأطفال الأصحاء هم أكثر عرضة للنجاح في المدرسة، والمساهمة في التنمية الاقتصادية، وبناء مجتمعات مزدهرة. وفيات الأطفال هي مؤشر رئيسي على صحة المجتمع وتقدمه.
الرعاية الصحية للأطفال، بما في ذلك برامج التطعيم والتغذية، تعتبر حجر الزاوية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. التمويل الصحي ضروري لضمان وصول هذه الخدمات إلى جميع الأطفال المحتاجين.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول مستويات التمويل الصحي العالمي في الأشهر المقبلة، مع التركيز على تحديد الأولويات، وتعبئة الموارد، وضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفًا. وستراقب مؤسسة غيتس عن كثب التطورات، وستواصل الدعوة إلى زيادة الاستثمار في صحة الأطفال، وتوفير الدعم الفني والمالي للدول النامية. وتعتبر متابعة مؤشرات صحة الطفل أمرًا بالغ الأهمية لتقييم فعالية البرامج وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.













