لم تكن الفلسطينية خولة الطلاع تتوقع أن سنوات علاجها لـالقرنية المخروطية ستتوقف بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة. فقد أدى تدمير المستشفيات ومنع إدخال المستلزمات الطبية إلى تعقيد أوضاع آلاف المرضى، بمن فيهم خولة التي كانت على وشك إجراء عملية زراعة قرنية ثانية. هذا الوضع يلقي الضوء على التحديات الصحية المتزايدة التي تواجه سكان غزة.
وتواجه المنظومة الصحية في غزة أزمة حادة منذ بداية الحرب، حيث خرج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيًا عن الخدمة، بالإضافة إلى تدمير 132 مركبة إسعاف، وفقًا لبيانات مكتب الإعلام الحكومي في القطاع. على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل تواصل تقييد وصول المساعدات الطبية والإنسانية، مما يزيد من معاناة المرضى.
معاناة يومية مع القرنية المخروطية
تصف خولة تجربتها قائلة: “أشعر بالمعاناة كلما هبت رياح تحمل غبارًا أو أتربة، وأحاول إغلاق عينيّ للتخفيف من الألم. لا أرى بشكل جيد، وكل شيء صعب. الشمس والغبار والنار تؤثر على عينيّ، وحتى القصف للمنازل المجاورة يسبب لي تشويشًا في الرؤية.”
تعاني خولة من القرنية المخروطية منذ عام 2008، وخضعت لعملية زراعة قرنية ساعدتها على استعادة جزء من بصرها. ومع ذلك، كانت مضطرة للالتزام بإرشادات صارمة لتجنب تفاقم حالتها، مثل تجنب الغبار وعدم التعرض للشمس.
الآن، مع توقف العلاج وارتفاع الأسعار، تواجه خولة خطر فقدان بصرها. وتشير إلى أن الفحوصات الشهرية الضرورية لم تعد متاحة، وأن الحصول على الأدوية الأساسية أصبح تحديًا كبيرًا.
تدهور الخدمات الصحية في غزة
يؤكد الدكتور علي حجازي، اختصاصي طب وجراحة العيون في مستشفى شهداء الأقصى، أن الوضع كارثي. ويقول: “كان لدينا برنامج ناجح لزراعة القرنيات قبل الحرب، ولكن المستشفيات دُمرت والأجهزة توقفت عن العمل. اليوم، لا يوجد تشخيص، ولا علاج، ولا عمليات زراعة قرنية.”
ويضيف الدكتور حجازي أن نقص الأجهزة والمعدات الأساسية، مثل أجهزة قياس سماكة القرنية، يعيق القدرة على تقديم الرعاية اللازمة لمرضى القرنية المخروطية وغيرهم من المرضى الذين يعانون من مشاكل في العيون.
تأثير القيود على الوصول للعلاج
يزيد من تعقيد الوضع القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع عبر معابر غزة. ويوضح مسؤول قسم الاستقبال والطوارئ، محمد ريان، أن العديد من المرضى يحتاجون إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج، لكنهم غير قادرين على ذلك بسبب إغلاق المعابر.
ويشير ريان إلى أن غزة كانت تعتمد على برنامج زراعة قرنية محلي، لكن هذا البرنامج توقف بسبب الحرب. ويقول: “كل يوم نستقبل حالات فقدت الأمل لأنها لا تستطيع تلقي العلاج داخل أو خارج غزة.”
تعتبر القرنية المخروطية من الأمراض التي تتطلب متابعة دقيقة وعلاجًا مستمرًا، وغياب هذه الرعاية يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وفقدان البصر. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، مثل قطرات العين والحلقات، يزيد من معاناة المرضى.
في الوقت الحالي، لا يزال الوضع في غزة غير مستقر، وتستمر إسرائيل في تقييد وصول المساعدات الإنسانية والطبية. من المتوقع أن يستمر هذا الوضع حتى يتم التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن القطاع. ويجب على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لتمكين وصول المساعدات الطبية والسماح للمرضى بالسفر لتلقي العلاج اللازم، بما في ذلك علاج القرنية المخروطية.













