تشرع أستراليا في خطوة رائدة عالميًا من خلال تطبيق حظر فيدرالي على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأفراد دون سن 16 عامًا. يهدف هذا الإجراء، الذي يثير جدلاً واسعًا، إلى حماية الأطفال والمراهقين من المخاطر المحتملة عبر الإنترنت، ولكنه يثير أيضًا تساؤلات حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة. ويدخل هذا القانون حيز التنفيذ في ظل تحديات كبيرة تواجه شركات التكنولوجيا العالمية.
بدأ تطبيق القانون في 11 ديسمبر 2025، ويفرض على منصات التواصل الاجتماعي التحقق من أعمار المستخدمين وتنفيذ القيود اللازمة. ويشمل هذا الحظر الوصول إلى منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك، مما يؤثر على ملايين المراهقين الأستراليين، خاصةً أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية حيث قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلتهم الرئيسية للتواصل.
تأثيرات حظر وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين
يرى خبراء أن هذا الحظر قد يؤدي إلى تفاقم الشعور بالعزلة الاجتماعية لدى المراهقين، خاصةً في المجتمعات الريفية التي تعتمد على الإنترنت للتواصل. فقد ساهم الإنترنت في تقليل الفجوة بين الأجيال، وإعادة فرض قيود على الوصول إلى هذه المنصات قد يعيد إحياء تلك الفجوة. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه المراهقون صعوبات في الوصول إلى المعلومات والموارد التعليمية المتاحة عبر الإنترنت.
ومع ذلك، يرى مؤيدو القانون أن حظر وسائل التواصل الاجتماعي ضروري لحماية الأطفال والمراهقين من التعرض للتنمر الإلكتروني، والمحتوى الضار، والاستغلال. ويشيرون إلى أن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية والجسدية للمراهقين، ويؤدي إلى مشاكل في النوم، والقلق، والاكتئاب.
التحديات الاقتصادية والتكنولوجية
يواجه القانون تحديات كبيرة في تنفيذه، حيث يتطلب من شركات التكنولوجيا العالمية تطوير آليات فعالة للتحقق من أعمار المستخدمين. كما أن هناك مخاوف بشأن تأثير الحظر على الإعلانات الرقمية، وجمع البيانات، ونماذج الأعمال التي تعتمد على الوصول إلى جمهور المراهقين. قد يؤدي ذلك إلى خسائر مالية كبيرة للشركات، ويدفعها إلى البحث عن طرق للالتفاف على القانون.
بالإضافة إلى ذلك، يثير القانون تساؤلات حول حماية البيانات والخصوصية. فقد تحتاج الشركات إلى جمع معلومات شخصية إضافية للتحقق من أعمار المستخدمين، مما قد يعرض هذه المعلومات لخطر الاختراق أو سوء الاستخدام.
ردود الفعل الدولية والتهديدات القانونية
أثار القانون ردود فعل متباينة على المستوى الدولي. فقد أعربت بعض الدول عن دعمها للإجراء، واعتبرته خطوة إيجابية نحو حماية الأطفال والمراهقين. في المقابل، انتقدت دول أخرى القانون، واعتبرته انتهاكًا للحرية الرقمية وحقوق الإنسان.
كما أن هناك تهديدات قانونية من شركات التكنولوجيا الكبرى، التي قد ترفع دعاوى قضائية ضد الحكومة الأسترالية. ويزعمون أن القانون غير دستوري، وأنه يتعارض مع التزامات أستراليا التجارية الدولية.
من المتوقع أن تواصل الحكومة الأسترالية العمل مع شركات التكنولوجيا لتطوير وتنفيذ القانون بشكل فعال. وستراقب عن كثب الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحظر، وتقيّم ما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراء تعديلات في المستقبل. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين حماية الأطفال والمراهقين، وضمان استمرار وصولهم إلى الفوائد التي يوفرها الإنترنت.













