رفضت محكمة الجنايات الدولية طعنًا إسرائيليًا يهدف إلى إيقاف التحقيق في الوضع في غزة، مما أبقى مذكرات التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت سارية المفعول. يأتي هذا القرار في ظل استمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، وقيود إسرائيلية على إدخال المساعدات الضرورية، بما في ذلك الغاز المستخدم في الطهي والتدفئة.
أكدت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، في حكم صدر يوم الاثنين، أنها لا تحتاج إلى إعادة النظر في الإجراءات أو إرسال إشعار جديد لإسرائيل، معتبرةً أنه لم يطرأ “وضع جديد” يبرر ذلك. يأتي هذا الرفض كجزء من سلسلة طعون قانونية قدمتها إسرائيل ضد التحقيق في سلوكها خلال الحرب على غزة، ومحاولة لتقويض سلطة المحكمة.
نطاق التحقيق في جرائم حرب محتملة
يركز التحقيق الذي بدأته المحكمة الجنائية الدولية في عام 2021 على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويشمل مزاعم بارتكاب جرائم حرب منذ 13 يونيو 2014، دون تحديد تاريخ نهائي للتحقيق. هذا النطاق الزمني الواسع يمنح المحكمة صلاحية النظر في الأحداث التي وقعت خلال الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية المتكررة.
وكانت إسرائيل قد جادلت بأن الأحداث التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر تشكل تغييرًا جوهريًا يتطلب التزامات قانونية جديدة، مستندةً إلى مبدأ التكامل الذي يمنح الدول ذات الأنظمة القضائية القوية الأولوية في التحقيق في الجرائم المرتكبة على أراضيها. إلا أن المحكمة رفضت هذا الطعن، معتبرةً أن التحقيق الحالي يمكن أن يشمل هذه الأحداث.
أعرب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، أورين مارمورستين، عن رفض بلاده للقرار، واصفًا إياه بأنه صادر بأغلبية ضئيلة ويمثل “تسييسًا مستمرًا” للمحكمة الجنائية الدولية. واتهم مارمورستين المحكمة بتجاهل الحقوق السيادية للدول غير الأطراف في نظام روما الأساسي، وهو الاتفاق الذي أنشأ المحكمة.
تداعيات القرار على مسار العدالة
يعني هذا القرار استمرار المحكمة في جمع الأدلة والتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. كما يعني بقاء مذكرات التوقيف الصادرة بحق نتنياهو وغالانت سارية المفعول، على الرغم من أن إسرائيل لا تعترف بسلطة المحكمة.
في الوقت نفسه، لا يزال أمام إسرائيل طعون قانونية أخرى معلقة أمام المحكمة الجنائية الدولية، تتعلق بشكل أساسي باختصاص المحكمة في القضية الفلسطينية. لم يتم تحديد جدول زمني لبتّ المحكمة في هذه الطعون الأخرى.
الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة
تسببت الحرب في غزة، التي بدأت في أكتوبر 2023، في مقتل حوالي 70,700 شخص وإصابة أكثر من 171,100 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية. كما أدت إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، وتدهور كبير في الأوضاع المعيشية للسكان.
تعتبر أزمة غاز الطهي من أبرز مظاهر الكارثة الإنسانية في غزة، حيث لا تتجاوز الكميات التي يتم إدخالها 30% من الاحتياجات اليومية للسكان. يؤدي هذا النقص الحاد إلى صعوبات كبيرة في إعداد الطعام وتدفئة المنازل، خاصةً مع حلول فصل الشتاء.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه غزة نقصًا حادًا في المواد الغذائية والمياه والأدوية، بسبب القيود الإسرائيلية على إدخال المساعدات. تفاقم هذه القيود من معاناة السكان، وزاد من خطر انتشار الأمراض وسوء التغذية. وتشير التقارير إلى أن السوق الموازية تزدهر بسبب شح الإمدادات، مما يزيد من الأعباء المالية على العائلات.
تعتمد غزة بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، ولكن وصول هذه المساعدات يواجه صعوبات كبيرة بسبب الإجراءات الإسرائيلية. تؤكد المنظمات الدولية على ضرورة رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات، لضمان وصولها إلى المحتاجين.
من المتوقع أن تستمر المحكمة الجنائية الدولية في النظر في الطعون الإسرائيلية المتبقية، وقد تستغرق هذه العملية عدة أشهر. في الوقت نفسه، من الضروري مراقبة التطورات على الأرض في غزة، وتقييم الأثر الإنساني للحرب والقيود المفروضة على إدخال المساعدات. كما يجب متابعة ردود الفعل الدولية على قرار المحكمة الجنائية الدولية، وتأثيرها على مساعي تحقيق العدالة والمساءلة.













