أطلقت شركة “أوبن إيه آي” نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي “جي بي تي-5.2” يوم الخميس، في محاولة لتعزيز مكانتها الرائدة في هذا المجال التنافسي. يأتي هذا الإطلاق بعد فترة من التركيز المكثف على تطوير “تشات جي بي تي” استجابةً للضغط المتزايد من منافسين مثل جوجل، الذين أطلقوا نماذجهم الخاصة مثل “جيميناي”.
وقد أشار سام ألتمان، رئيس “أوبن إيه آي”، في رسالة داخلية إلى ضرورة تسريع الجهود وتوجيه الموارد نحو منتجهم الرئيسي، “تشات جي بي تي”. ويعتبر هذا التحرك استجابة مباشرةً لظهور أدوات ذكاء اصطناعي جديدة، مما أدى إلى حالة من الاستنفار داخل الشركة.
تطويرات “جي بي تي-5.2” ومواجهة المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي
أكدت فيدجي سيمو، مديرة التطبيقات في “أوبن إيه آي”، أن “الإنذار الأحمر” ساهم في زيادة الموارد المخصصة لـ “تشات جي بي تي” وتسريع عملية تطوير “جي بي تي-5.2”. ونفت سيمو أن يكون الإطلاق المبكر للنموذج الجديد نتيجة مباشرة لهذا الاستنفار، مشيرةً إلى أن العمل كان يسير وفقًا للجدول الزمني المحدد.
تصف “أوبن إيه آي” هذا الإصدار بأنه الأكثر فعالية حتى الآن، مع تحسينات ملحوظة في مجالات متعددة مثل المنطق، وإنشاء العروض التقديمية، وفهم الصور، وإدارة المهام المعقدة، والتعامل مع الأكواد البرمجية. تهدف هذه التحسينات إلى الحفاظ على التفوق التكنولوجي للشركة في ظل التطورات السريعة التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي.
أشارت الشركة إلى انخفاض بنسبة 38% في الأخطاء الواقعية، أو ما يُعرف بـ “الهلوسات”، في النسخة الجديدة المسماة “ثينكينغ”. هذا التحسين يهدف إلى زيادة موثوقية ودقة استجابات النموذج، وهو أمر بالغ الأهمية لبناء الثقة مع المستخدمين.
صعود “جيميناي” وتأثيره على السوق
يأتي إطلاق “جي بي تي-5.2” في أعقاب إطلاق جوجل لنموذجها “جيميناي 3” في نوفمبر الماضي، والذي أعلنت الشركة أنه جذب أكثر من 650 مليون مستخدم شهريًا. في المقابل، تشير “أوبن إيه آي” إلى أن “تشات جي بي تي” لديه 800 مليون مستخدم أسبوعيًا، مما يدل على قاعدة مستخدمين قوية ومستمرة.
على الرغم من أن جوجل تستفيد بشكل كبير من إيراداتها المتنوعة، وخاصة الإعلانات، إلا أن “أوبن إيه آي” لا تزال تتكبد خسائر مالية شهرية. لا تتوقع الشركة تحقيق أرباح قبل عام 2029، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا في ظل المنافسة الشديدة.
استثمارات ضخمة ومستقبل “أوبن إيه آي”
أكد سام ألتمان ثقته في قدرة الشركة على زيادة الإيرادات لمواكبة التكاليف المتزايدة للقدرات الحاسوبية. وقد التزمت “أوبن إيه آي” باستثمارات ضخمة بقيمة 1.4 تريليون دولار على مدى ثماني سنوات، تشمل شراء الرقائق، وبناء مراكز البيانات، وتأمين مصادر الطاقة والتبريد.
تثير هذه الاستثمارات الضخمة تساؤلات حول الاستدامة المالية للشركة، خاصةً في ظل الفجوة بين الإنفاق والإيرادات الحالية. تشير التقديرات إلى أن إيرادات الشركة السنوية قد تصل إلى 20 مليار دولار بحلول نهاية عام 2025، مع توقعات بزيادة كبيرة لتصل إلى مئات المليارات بحلول عام 2030. التعلم الآلي هو المحرك الرئيسي لهذه التوقعات.
أضاف ألتمان أن الشركة بدأت بالفعل في تحقيق إيرادات من خلال فرض رسوم على المستخدمين مقابل توليد مقاطع الفيديو باستخدام أداة “سورا”، مشيرًا إلى أن المستخدمين أبدوا استعدادًا للدفع مقابل المحتوى الذي يعجبهم. النماذج اللغوية الكبيرة مثل “جي بي تي-5.2” تتطلب قدرات حاسوبية هائلة.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، مع استمرار الشركات في تطوير نماذجها وتحسين أدائها. سيكون من المهم مراقبة قدرة “أوبن إيه آي” على تحقيق أهدافها المالية، وتوسيع قاعدة مستخدميها، والحفاظ على مكانتها الرائدة في هذا المجال المتطور بسرعة. كما يجب متابعة التطورات التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والتي قد تؤثر على مستقبل هذه التكنولوجيا.













