في ذكرى مرور ربع قرن على اتفاق الجزائر التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، عن تقديره العميق للدور الذي لعبه هذا الاتفاق في وضع حد سنوات طويلة من الصراع بين البلدين. ويشكل هذا الحدث فرصة للتأمل في أهمية الدبلوماسية والحوار في حل النزاعات الإقليمية، والتركيز على السعي نحو السلام والازدهار المشترك في منطقة القرن الأفريقي.
وأشاد يوسف بالدور المحوري الذي لعبته الجزائر في رعاية وتيسير المفاوضات التي أفضت إلى توقيع الاتفاق عام 2000، مؤكداً أن شعبي إثيوبيا وإريتريا لا يزالان يتطلعان إلى مستقبل قائم على التعاون والمصالح المشتركة. جاء هذا التعبير في سياق التوترات الأخيرة المتصاعدة بين البلدين، والتي أثارت مخاوف إقليمية ودولية.
أهمية اتفاق الجزائر في سياق السلام الإقليمي
يعتبر اتفاق الجزائر بمثابة نقطة تحول في العلاقات الإثيوبية الإريترية، حيث أنهى حرباً حدودية استمرت عقدين من الزمان وتسببت في خسائر بشرية واقتصادية فادحة لكلا البلدين. وقد نص الاتفاق على ترسيم الحدود المتنازع عليها وإنشاء آليات للتعاون الأمني والاقتصادي.
التحديات التي واجهت تطبيق الاتفاق
على الرغم من أهمية الاتفاق، إلا أن تطبيقه الكامل واجه العديد من العقبات على مر السنين، بما في ذلك الخلافات المستمرة حول تفسير بعض بنود الاتفاق وعدم الثقة المتبادلة بين الطرفين. أدت هذه التحديات إلى استمرار التوترات الحدودية وتأخير تحقيق المصالحة الشاملة. تأثر الاستقرار الإقليمي بشكل كبير بهذه التوترات المستمرة.
وتشير التقارير إلى أن الوضع الحالي يتسم بحذر متبادل، في ظل حديث إثيوبيا عن سعيها للحصول على منفذ بحري، وهو ما اعتبرته إريتريا تهديداً لسيادتها. وقد زادت هذه القضية من حدة التوتر وأثارت مخاوف من اندلاع صراع جديد. التوترات المتزايدة أثرت سلباً على المبادرات الإقليمية المشتركة.
وفي هذا الصدد، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي على أهمية اعتماد الحوار وبناء الثقة كسبيلين رئيسيين لتجنب التصعيد وتحقيق استقرار دائم. وأكد على أن أمن منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر يعتمد بشكل كبير على تعزيز التعاون الإقليمي ومنع أي تدخلات خارجية قد تؤجج الصراعات. حل هذه المشاكل يتطلب جهوداً متواصلة ومراعاة مصالح جميع الأطراف.
وأضاف يوسف أن الاتحاد الأفريقي على استعداد تام لتقديم الدعم والمساعدة لإثيوبيا وإريتريا في جهودهما المشتركة لترسيخ السلام والتنمية المستدامة. وبين أن المفوضية تلتزم بمتابعة وتقييم أي مبادرة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي وتطبيق مبادئ الاتحاد. السلام في المنطقة يتطلب التزاماً جماعياً.
ينظر المراقبون إلى اتفاق الجزائر كنموذج للدبلوماسية الأفريقية الناجحة في حل النزاعات، مؤكدين على أهمية الاستفادة من هذه التجربة في معالجة التحديات الأمنية والسياسية الأخرى التي تواجه القارة. ويعتبر تحقيق المصالحة الحقيقية بين إثيوبيا وإريتريا خطوة حاسمة نحو بناء مستقبل أفضل للبلدين وللمنطقة بأكملها. تعزيز العلاقات الثنائية بين إثيوبيا وإريتريا ضروري للنمو الاقتصادي.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن الاتفاق لم يعالج جذور المشكلة، وأنه يحتاج إلى مراجعة شاملة لتلبية تطلعات الشعبين. ويرى هؤلاء أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب أيضاً حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تفاقم التوترات بين البلدين.
في الختام، يمثل التذكر السنوي لاتفاق الجزائر مناسبة مهمة لتجديد الالتزام بالسلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. من المتوقع أن يواصل الاتحاد الأفريقي جهوده الدبلوماسية لتشجيع الحوار بين إثيوبيا وإريتريا، مع مراقبة دقيقة للتطورات على الأرض. تبقى مسألة المنفذ البحري الإثيوبي نقطة خلاف رئيسية، ومن المرجح أن تشكل محوراً للمفاوضات المستقبلية. يجب على المجتمع الدولي مواصلة دعمه لجهود السلام في المنطقة.













