انطلقت فعاليات أيام قرطاج السينمائية في نسختها الـ36 يوم السبت في مدينة الثقافة بتونس، مستقطبةً عشاق الفن السابع من مختلف أنحاء العالم. يشهد المهرجان عرضاً لأكثر من 165 فيلماً من 23 دولة، مما يعكس التنوع والإبداع في عالم السينما، ويؤكد مكانة تونس كمركز هام للإنتاج السينمائي والثقافة في المنطقة.
بدأ المهرجان بعرض الفيلم الفلسطيني “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، والذي أثار اهتماماً كبيراً نظراً لتوقيت عرضه وأهمية موضوعه. ويهدف هذا الحدث الثقافي البارز إلى تعزيز الحوار وتبادل الأفكار بين صانعي الأفلام والنقاد والجمهور، بالإضافة إلى دعم السينما العربية والأفريقية.
الافتتاح والاحتفاء بالسينما الفلسطينية
ألقيت كلمة بالمناسبة للمخرجة آن ماري جاسر، عبّرت فيها عن فخرها بتقديم فيلمها في افتتاح المهرجان، لا سيما وأن عملية إنتاجه تزامنت مع ظروف صعبة ومعارك في غزة. وأشارت إلى أن تصوير الفيلم توقف أربع مرات بسبب الأحداث الجارية. الفيلم يتناول حقبة تاريخية مهمة وهي الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، والصراع من أجل الاستقلال.
وتعد مشاركة الفيلم الفلسطيني في افتتاح المهرجان بمثابة رسالة دعم قوية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. ويشكل ذلك أيضاً تأكيداً على دور السينما في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية الهامة.
تنوع البرامج وتكريم الرواد
يتضمن برنامج أيام قرطاج السينمائية مجموعة متنوعة من الأفلام والفعاليات، بما في ذلك مسابقات للأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة، بالإضافة إلى عروض خاصة وبرامج موازية. وتهدف هذه البرامج إلى تلبية مختلف الأذواق والاهتمامات.
إضافة إلى ذلك، يكرّم المهرجان في دورته هذا العام رواد السينما، من خلال تكريم اسم الممثلة الإيطالية التونسية الأصل كلوديا كاردينالي، التي وافتها المنية مؤخرًا. كما يشمل التكريم أسماء المخرج الجزائري محمد الأخضر حمينة، والناقد اللبناني وليد شميط، والمخرج المالي سليمان سيسه، والمخرج البنيني بولين سومانو فييرا. وهذا التكريم يمثل عرفاناً بمسيرتهم الفنية وإسهاماتهم القيمة في إثراء السينما العربية والأفريقية.
السينما التونسية حاضرة بقوة
تحظى السينما التونسية بحضور قوي في المهرجان، حيث يتم عرض 46 فيلماً تونسياً بمختلف الأنواع والأشكال. يعكس هذا الحضور تطور السينما التونسية وقدرتها على المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي. كما يعكس اهتمام المهرجان بدعم ومساندة الإنتاج السينمائي المحلي.
بالإضافة إلى ذلك، تُخصص الدورة لهذا العام للاحتفاء بالسينما الأرمينية من خلال برنامج “سينما تحت المجهر”، الذي يقدم مجموعة من الأفلام الأرمينية التي تعبر عن تاريخ وثقافة هذا الشعب. ويستضيف المهرجان أيضاً عروضاً لأفلام من إسبانيا وأمريكا اللاتينية، مما يثري المشهد السينمائي ويساهم في تبادل الثقافات. السينما لا تقتصر على الترفيه، بل هي أيضاً وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء.
تطلعات مستقبلية ومتابعة التطورات
صرح مدير أيام قرطاج السينمائية، طارق بن شعبان، بأن المهرجان يواصل التمسك بثوابته الفكرية والفنية، مع الحرص على التجديد والتطور. وأكد أهمية دعم السينما الواعدة وتشجيع الشباب على الإبداع والابتكار. بالإضافة إلى ذلك، شدد على أهمية التفاعل مع الجمهور والنقاد والمختصين، لخلق حوار بناء يساهم في تطوير الصناعة السينمائية.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة من المهرجان إقبالاً مكثفاً من الجمهور، وأن تثير الأفلام المعروضة نقاشات واسعة حول القضايا المختلفة التي تتناولها. وستعلن لجان التحكيم عن الفائزين بالجوائز المختلفة في حفل ختام المهرجان يوم 20 ديسمبر. يبقى متابعة التطورات والإعلان عن نتائج المسابقات هو الحدث الأبرز في الأيام القليلة القادمة.













