حذّر مسؤولون كويتيون من أن جرائم الاتجار وترويج المخدرات ستواجه عقوبات مشددة بموجب قانون جديد، والذي وصفوه بأنه يمثل نقلة نوعية في جهود مكافحة هذه الآفة. يأتي هذا التحذير في أعقاب ندوة قانون المخدرات التي سلطت الضوء على التغييرات الجذرية التي أدخلها القانون رقم 159 لسنة 2025، بهدف ردع الجريمة وحماية المجتمع.
وأكد المشاركون في الندوة على أهمية الإبلاغ عن حالات الإدمان كمسؤولية مجتمعية ووطنية، مع التشديد على توفير مسارات علاجية للمدمنين الراغبين في التعافي. في الوقت نفسه، شددوا على أن القانون الجديد يهدف إلى إحكام الرقابة والعقاب على المتاجرين والمروجين للمخدرات، الذين سيواجهون عقوبات صارمة تصل إلى الإعدام.
قانون المخدرات الجديد: ثورة تشريعية في مواجهة آفة تهدد المجتمع
وصف المستشار محمد الدعيج، رئيس لجنة صياغة القانون، القانون الجديد بأنه “ثورة تشريعية” في الحرب ضد المخدرات والمؤثرات العقلية. وأشار إلى أن القانون يهدف إلى إقامة منظومة رقابية ووقائية متكاملة، بالإضافة إلى استحداث منظومة عقابية محكمة تضمن الردع العام والخاص.
أبرز ملامح القانون الجديد
يشمل القانون الجديد عدة ملامح رئيسية، بما في ذلك:
• تشديد العقوبات على جرائم الاتجار والترويج، وصولاً إلى الإعدام.
• تجريم “الجليس” الذي يرافق المتعاطين ويشاركهم المواد المخدرة.
• إدخال أسلوب “التسليم المراقب” لكشف شبكات الاتجار الدولية.
• توفير منظومة علاجية متكاملة للمدمنين، مع كفالة حقوقهم وحقوق الطاقم الطبي.
• فرض فحوصات المخدرات على المقبلين على الزواج والوظائف العامة ورخص القيادة والأسلحة.
وأوضح الدعيج أن القانون جاء نتيجة لتراكم قضايا ومشاهد مؤلمة، وأن هناك حاجة ملحة لتشريع جذري يوقف النزيف ويحمي المجتمع. وأشار إلى أن القانون استغرق عامين من العمل المكثف والمراجعات الدقيقة، بدعم ورعاية من صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف.
وتطرق الدعيج إلى قصص مأساوية عايشها خلال مسيرته القضائية، مؤكداً أن هذه القصص ألهمت صياغة القانون الجديد. وشدد على أن القانون يوازن بين الحزم والإنسانية، حيث يوفر فرص العلاج للمدمنين الذين يسعون إلى التعافي، بينما يطبق أشد العقوبات على المتاجرين والمروجين.
دور وزارة الصحة في مكافحة الإدمان
من جانبه، أكد الدكتور حسين الشطي، مدير مركز علاج الإدمان، على أن القانون الجديد يولي اهتماماً خاصاً بالجوانب الطبية لمكافحة الإدمان. وأشار إلى أن القانون يكفل حقوق الطاقم الطبي والمريض، ويعتبر الإدمان مرضاً يستحق العلاج والتأهيل.
وأضاف الدكتور الشطي أن مركز علاج الإدمان يقدم خدمات العلاج والتأهيل لجميع الحالات التي ترغب في التعافي، سواء كانت طوعية أو عن طريق الإحالة من الجهات المختصة. وأوضح أن المركز شهد ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المراجعين بعد صدور القانون الجديد، مما يعكس وعياً متزايداً بأهمية العلاج.
التسليم المراقب والجهود الأمنية
وأشار العميد الشيخ حمد محمد اليوسف، مساعد المدير العام للإدارة العامة لمكافحة المخدرات، إلى أن القانون الجديد استحدث أسلوب “التسليم المراقب”، وهو إجراء دولي يهدف إلى كشف شبكات الاتجار الدولية. وأوضح أن هذا الأسلوب يسمح بمرور شحنات المخدرات تحت مراقبة الأجهزة الأمنية، بهدف القبض على المتورطين في عمليات التهريب.
وأضاف العميد اليوسف أن القانون الجديد يشدد العقوبات على الجرائم التي ترتكب تحت تأثير التعاطي، ويعاقب مرتكبها على الجريمة الأصلية بالإضافة إلى جريمة التعاطي. وأكد أن هذا التعديل يهدف إلى منع استغلال فقدان الوعي للتهرب من العقوبات القانونية.
وتشير التقديرات إلى أن القانون الجديد سيؤدي إلى زيادة في عدد القضايا المحالة إلى المحاكم، خاصة في مجال الاتجار والترويج. ومع ذلك، يتوقع المسؤولون أن القانون سيساهم في الحد من انتشار المخدرات وتقليل الجريمة المرتبطة بها.
من المتوقع أن تبدأ وزارة الداخلية في تطبيق القانون الجديد بشكل كامل خلال الأسابيع القادمة، مع التركيز على مكافحة الاتجار والترويج وتوفير العلاج للمدمنين. وسيراقب المختصون عن كثب تأثير القانون على معدلات الجريمة وانتشار الإدمان، لتقييم فعاليته وإجراء أي تعديلات ضرورية. كما سيتم تقييم مدى نجاح أسلوب “التسليم المراقب” في كشف شبكات التهريب الدولية.













