افتتح المركز الثقافي التركي في القدس معرضًا فنيًا بعنوان “بين الماء والطين” للفنانة الفلسطينية سندس الرجبي، مساء السبت، وذلك بهدف تسليط الضوء على القرى الفلسطينية المهجرة وتوثيق العلاقة العميقة بين الإنسان والأرض من خلال أعمال فنية متنوعة. ويأتي هذا المعرض كجزء من برنامج ثقافي أوسع يهدف إلى دعم الفنانين الفلسطينيين وتعزيز الحوار الثقافي.
ضم المعرض مجموعة من اللوحات التي تجمع بين تقنيات الرسم بالألوان المائية وأعمال السيراميك، بالإضافة إلى استخدام الفنانة لطباعة أوراق النباتات على الطين، مما يعكس ذاكرة المكان وتراثه. وقد حظي المعرض بحضور لافت من الشخصيات المهتمة بالفن والثقافة والإعلام، الذين أشادوا بأسلوب الفنانة وقدرتها على التعبير عن قضايا وطنية بطريقة إبداعية.
القرى المهجرة: مصدر إلهام الفنانة
تستلهم الفنانة سندس الرجبي أعمالها الفنية من القرى الفلسطينية التي أُجبر سكانها على الهجرة خلال النكبة عام 1948. وتهدف من خلال هذا المعرض إلى توثيق هذه الذاكرة الجماعية وإحيائها في الوجدان العربي والفلسطيني. تعكس أعمالها حنينًا عميقًا للوطن المفقود ورغبة في الحفاظ على الهوية والتراث.
وفقًا لتصريحات الفنانة، فإن اختيارها لدمج الألوان المائية والسيراميك والنباتات لم يكن عشوائيًا، بل يمثل محاولة لتمثيل العناصر الأساسية التي تشكل البيئة الفلسطينية، والتي ما زالت محفورة في ذاكرة المهجرين. يركز المعرض على الجوانب الإنسانية للتهجير، بدلاً من التركيز على الجوانب السياسية.
أثر النكبة وتداعياتها المستمرة
أجبرت النكبة، التي حدثت عام 1948، ما لا يقل عن 100 ألف فلسطيني على الهجرة القسرية من 38 قرية وخربة في محافظة القدس، بحسب ما أفادت به مؤسسات متخصصة في توثيق تاريخ فلسطين. تسببت هذه الأحداث في كارثة إنسانية عميقة ولا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم. يمثل المعرض محاولة لتوثيق هذه الحقائق التاريخية بطريقة فنية مؤثرة.
تقنيات فنية لتوثيق الذاكرة
تعتمد الفنانة في أعمالها على استخدام مواد طبيعية مثل الطين والنباتات، بالإضافة إلى الألوان المائية، لتمثيل العلاقة الوثيقة بين الإنسان والأرض. وأشارت إلى أن عملية الطباعة على الطين ترمز إلى محاولة استعادة الآثار المتبقية من القرى المهجرة، وتجسيدها في أعمال فنية يمكن للجيل الحالي والأجيال القادمة أن يتفاعلو معها. تساهم هذه التقنيات في إضفاء طابع فريد ومميز على المعرض.
بالإضافة إلى ذلك، اهتمت الفنانة بتوظيف الألوان الزاهية والتفاصيل الدقيقة في لوحاتها، بهدف إبراز جمال الطبيعة الفلسطينية والتأكيد على أهمية الحفاظ عليها. وتهدف من خلال هذا المعرض إلى إرسال رسالة أمل وتفاؤل للشعب الفلسطيني.
تأتي هذه المبادرة من المركز الثقافي التركي في القدس في إطار جهود تركيا المستمرة لدعم القضية الفلسطينية وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعبين التركي والفلسطيني. ويتوقع أن يستمر المعرض لمدة أسبوعين، وسيتبعه تنظيم سلسلة من الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى إحياء التراث الفلسطيني. ومن المتوقع أن يستضيف المركز فعاليات مشابهة في المستقبل القريب لدعم الفنانين الفلسطينيين.
وسيستمر المركز الثقافي التركي في استضافة فعاليات فنية وثقافية مماثلة خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على دعم الفنانين الفلسطينيين وتسليط الضوء على قضاياهم. تقوم الجهات المنظمة بتقييم إمكانية تنظيم جولة للمعرض في مدن فلسطينية أخرى وربما في دول عربية.













