أكدت المحامية رنا الدكنان أن غسيل الأموال يشكل تهديدًا متزايدًا، وأن العملات الرقمية مثل البيتكوين تُستخدم بشكل متكرر في هذه الأنشطة بسبب صعوبة تتبعها. جاءت تصريحات الدكنان خلال برنامج “ياهلا” على قناة “روتانا خليجية”، حيث استعرضت الأساليب المختلفة التي يستخدمها المجرمون لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة. وتعتبر هذه القضية ذات أهمية خاصة في ظل الجهود الدولية المتزايدة لمكافحة الجريمة المالية.
وأشارت الدكنان إلى أن عمليات غسيل الأموال لا تقتصر على استخدام البيتكوين، بل تشمل أيضًا طرقًا تقليدية مثل الصفقات الوهمية وتداول العقارات بشكل متكرر. هذه الأساليب تهدف إلى إخفاء أصل الأموال وتحويلها إلى أصول تبدو قانونية، مما يجعل من الصعب على السلطات إثبات تورط الأفراد في أنشطة إجرامية. وتشير التقديرات إلى أن حجم الأموال المغسولة عالميًا يبلغ تريليونات الدولارات سنويًا.
مراحل عملية غسيل الأموال
تتضمن عملية غسيل الأموال عدة مراحل رئيسية، تبدأ بـ “الاحتضان” أو الإيداع، حيث يتم إدخال الأموال غير المشروعة إلى النظام المالي. ثم تأتي مرحلة “التمويه” أو التغطية، والتي يتم فيها إجراء سلسلة من المعاملات المعقدة لإخفاء أصل الأموال. وأخيرًا، مرحلة “التكامل” حيث يتم إعادة إدخال الأموال المغسولة إلى الاقتصاد الشرعي، مما يجعلها تبدو وكأنها أتت من مصادر قانونية.
طرق التمويه الشائعة
تتنوع طرق التمويه التي يستخدمها مغسلو الأموال، وتشمل:
• استخدام شركات وهمية لإجراء معاملات مالية.
• تحويل الأموال إلى حسابات في الخارج، خاصة في دول ذات قوانين سرية مصرفية.
• شراء أصول باهظة الثمن مثل العقارات والسيارات الفاخرة.
• المضاربة في الأسواق المالية، مثل سوق الأسهم والعملات.
البيتكوين وتحديات الرقابة
تعتبر العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، وسيلة جذابة لمغسلي الأموال بسبب طبيعتها اللامركزية وصعوبة تتبع المعاملات. على الرغم من أن معاملات البيتكوين مسجلة على البلوك تشين، إلا أن تحديد هوية أصحاب الحسابات قد يكون أمرًا صعبًا، خاصة إذا تم استخدام محافظ افتراضية مجهولة. هذا يجعل من الصعب على السلطات تجميد الأموال أو مصادرتها.
ومع ذلك، فإن التطورات التكنولوجية في مجال تحليل البلوك تشين تتيح الآن للجهات المختصة تتبع المعاملات المشبوهة وتحديد هوية الأفراد المتورطين في غسيل الأموال باستخدام البيتكوين. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة التنظيم الحكومي للعملات الرقمية تهدف إلى الحد من استخدامها في الأنشطة الإجرامية. تعتبر مكافحة الجرائم المالية (AML) والتعرف على هوية العميل (KYC) من الإجراءات الرئيسية التي تتخذها الحكومات والمنظمات المالية.
تعتبر الصفقات العقارية أيضًا من بين الأساليب الشائعة لغسيل الأموال، حيث يمكن استخدامها لإخفاء أصل الأموال من خلال شراء وبيع العقارات بشكل متكرر. تتطلب هذه العمليات غالبًا استخدام وسطاء وشركات وهمية لإخفاء هوية المستفيد الحقيقي. تعتبر الرقابة على عمليات بيع وشراء العقارات من قبل الجهات الحكومية أمرًا بالغ الأهمية للكشف عن هذه الأنشطة.
تعتبر جريمة غسيل الأموال بمثابة تقنين لأموال مصدرها أنشطة غير قانونية، مثل تهريب المخدرات والاتجار بالأسلحة والفساد. وهي تمثل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي، حيث تقوض استقرار النظام المالي وتزيد من الجريمة المنظمة. تتطلب مكافحة غسيل الأموال تعاونًا دوليًا وتبادلًا للمعلومات بين الجهات المختصة.
في سياق جهود مكافحة الجريمة المالية، تعمل العديد من الدول على تعزيز قوانينها ولوائحها المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب. كما تقوم بتدريب موظفيها في القطاع المالي على كيفية التعرف على المعاملات المشبوهة والإبلاغ عنها. تعتبر هذه الإجراءات ضرورية لضمان سلامة النظام المالي وحماية الاقتصاد من التداعيات السلبية لغسيل الأموال.
من المتوقع أن تستمر السلطات في التركيز على تتبع المعاملات الرقمية وتعزيز الرقابة على الصفقات العقارية كجزء من جهودها لمكافحة غسيل الأموال. كما من المرجح أن نشهد المزيد من التعاون الدولي في هذا المجال، وتبادلًا للمعلومات بين الدول لتعزيز فعالية الإجراءات المتخذة. يبقى التحدي الأكبر هو مواكبة التطورات التكنولوجية التي يستخدمها مغسلو الأموال لإخفاء أنشطتهم.













