أثار استقبال مجمع “آيكون مول” في رام الله لطاقم من قناة “كان” الإسرائيلية وإجراء مقابلات مع زواره، ردود فعل غاضبة واسعة النطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تطبيع إعلامي مرفوض من قبل العديد من الفلسطينيين، لا سيما في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة. وتمركز الجدل حول توقيت الزيارة وتداعياتها المحتملة على صورة المقاومة الفلسطينية.
الزيارة، التي جرت يوم الأحد الماضي، تضمنت بث تقرير مصور للقناة الإسرائيلية يظهر لقطات من داخل المجمع التجاري، مع التركيز على مقابلات مع المتسوقين الفلسطينيين. وقد أثارت هذه المقابلات انتقادات حادة، حيث اعتبرها البعض محاولة لتشويه صورة الشعب الفلسطيني وتجاهل معاناته المستمرة. وتزامنت هذه الأحداث مع تصاعد التوترات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
غضب واسع النطاق وتساؤلات حول التطبيع
عبّر العديد من النشطاء الفلسطينيين عن استيائهم الشديد من السماح لطاقم قناة “كان” بالتصوير داخل “آيكون مول”، معتبرين إياه بمثابة خرق واضح لخطوط المقاطعة والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. وأشاروا إلى أن المجمع التجاري سبق وأن أثار جدلاً واسعاً عند افتتاحه، بسبب التناقض الظاهر بين أجواء الاحتفال والمأساة الإنسانية التي كانت تعيشها غزة.
ورأى البعض أن هذه الزيارة تمثل محاولة متعمدة لإظهار صورة “طبيعية” للحياة في الضفة الغربية، بهدف التقليل من شأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتبرير الاحتلال. وأضافوا أن هذه الممارسة تتجاهل تمامًا حجم المعاناة اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون.
انتقادات لاذعة لإدارة المجمع
انتقد مغردون إدارة “آيكون مول” بشدة بسبب سماحها بالزيارة، مطالبين بمقاطعة المجمع كنوع من الاحتجاج على هذه الخطوة. وذهب بعضهم إلى وصف الأمر بأنه “استفزازي” و”غير مسؤول”، خاصةً في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتصاعد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقد انتشرت على نطاق واسع دعوات لمقاطعة المجمع للتعبير عن رفض هذه الممارسات.
كما تساءل البعض عن الدوافع الحقيقية وراء هذه الزيارة، معتبرين أنها ليست مجرد حدث عابر، بل جزء من خطة إعلامية أوسع تهدف إلى تلميع صورة الاحتلال وتقويض الدعم الفلسطيني. وتترافق هذه الأحداث مع جهود إسرائيلية لتسويق مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية.
تداعيات محتملة على الخطاب الإعلامي
يعتبر مراقبون أن استقبال قناة “كان” في “آيكون مول” قد يفتح الباب أمام المزيد من التغطيات الإعلامية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، مما قد يؤثر على الخطاب العام ويعزز من رواية الاحتلال. ويعتقدون أن هذا يشكل تحدياً إضافياً أمام الجهود الفلسطينية الرامية إلى تصوير القضية الفلسطينية بشكل عادل وموضوعي.
وتشير التحليلات إلى أن هذه التغطيات الإعلامية قد تهدف أيضًا إلى صرف الانتباه عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين، وإعادة إنتاج سردية تتجاهل المعاناة الإنسانية وتبرر الاعتداءات الإسرائيلية. وتأتي هذه الأحداث في سياق محاولات إسرائيلية للسيطرة على الرواية الإعلامية المتعلقة بالصراع.
بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن هذه الخطوة تعكس حالة من الانقسام والانفصال داخل المجتمع الفلسطيني، حيث قد لا يراعي بعض الأفراد والمؤسسات الظروف السياسية والأخلاقية الحساسة التي يمر بها الشعب الفلسطيني. تتصدر قضية **التطبيع** ورفضه عناوين النقاش السياسي والاجتماعي.
تأتي هذه الأحداث أيضًا في ظل تزايد الاهتمام بالوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، وإبرام اتفاقيات تجارية مع إسرائيل. وتعتبر هذه الاتفاقيات مثيرة للجدل، حيث يراها البعض فرصة لتحسين الأوضاع المعيشية، بينما يعتبرها آخرون بمثابة اعتراف بالاحتلال وتعزيزه. وتزيد هذه التطورات من حدة النقاش حول مستقبل **الاستثمار** في الأراضي الفلسطينية.
تعتبر قضية **آيكون مول** و استقباله لقناة “كان” ضمن سلسلة من الأحداث التي تثير تساؤلات حول سياسات الشركات والمؤسسات الفلسطينية تجاه الاحتلال الإسرائيلي، وما إذا كانت تتخذ مواقف مسؤولة أخلاقياً وسياسياً.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذه القضية خلال الأيام القادمة، وأن تشهد وسائل التواصل الاجتماعي المزيد من ردود الفعل الغاضبة. وبحسب مصادر إعلامية، قد تعقد إدارة “آيكون مول” اجتماعًا داخليًا لمناقشة الأمر واتخاذ قرارات بشأن التغطيات الإعلامية المستقبلية. وينبغي مراقبة التطورات على الأرض وتقييم تأثير هذه الأحداث على المشهد السياسي والإعلامي الفلسطيني.












