تعرض إطلاق الصاروخ الياباني “إتش 3” لفشل جديد، مما أثار تساؤلات حول مستقبل برنامج الفضاء الياباني. أعلنت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) عن توقف محرك المرحلة الثانية للصاروخ عن العمل خلال مهمته الأخيرة، والتي كانت تهدف إلى وضع القمر الصناعي “ميتشيبكي رقم 5” في مداره. هذا الفشل يمثل انتكاسة كبيرة لجهود اليابان في تطوير تكنولوجيا إطلاق مستقلة.
وقع الحادث اليوم، 22 ديسمبر 2025، في مركز “تانيجاشيما” للفضاء في محافظة “كاجوشيما” جنوب غرب اليابان. انطلق الصاروخ في وقت مبكر من الصباح، لكنه لم يتمكن من إكمال مهمته بنجاح، مما أدى إلى فقدان القمر الصناعي. هذا هو الإطلاق الثامن للصاروخ “إتش 3” والثاني الذي ينتهي بالفشل.
فشل إطلاق صاروخ “إتش 3” يثير المخاوف بشأن برنامج الفضاء الياباني
يعتبر صاروخ “إتش 3” جزءًا أساسيًا من خطط اليابان لضمان وصولها المستقل إلى الفضاء، خاصةً في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة. يهدف البرنامج إلى تقليل الاعتماد على الصواريخ الأجنبية، وتعزيز القدرات التكنولوجية اليابانية في مجال الفضاء. الفشل المتكرر يضع ضغوطًا متزايدة على جاكسا لإيجاد حلول سريعة وفعالة.
وفقًا لجاكسا، فإن المشكلة الرئيسية تكمن في محرك المرحلة الثانية، الذي توقف عن الاحتراق قبل الأوان. لم يتم بعد تحديد السبب الدقيق لهذا التوقف، لكن الوكالة أكدت أنها ستبدأ على الفور تحقيقًا شاملاً لتحديد العوامل التي ساهمت في الفشل. من المتوقع أن يستغرق هذا التحقيق عدة أسابيع أو حتى أشهر.
أهمية القمر الصناعي “ميتشيبكي رقم 5”
كان القمر الصناعي “ميتشيبكي رقم 5” يحمل أهمية استراتيجية كبيرة لليابان، حيث يمثل جزءًا من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الخاص بها. يهدف هذا النظام إلى توفير خدمات تحديد المواقع الدقيقة والموثوقة، سواء للاستخدامات المدنية أو العسكرية. فقدان هذا القمر الصناعي قد يؤثر مؤقتًا على دقة وشمولية هذه الخدمات.
بالإضافة إلى ذلك، كان من المقرر أن يساهم القمر الصناعي في تحسين البنية التحتية للاتصالات في اليابان، وتوفير بيانات مهمة لرصد الكوارث الطبيعية. تعتبر اليابان عرضة للزلازل والأعاصير، وبالتالي فإن القدرة على رصد هذه الكوارث والاستعداد لها أمر بالغ الأهمية.
تاريخ إطلاق “إتش 3” والمحاولات السابقة
تم تطوير صاروخ “إتش 3” كبديل لصاروخ “إتش 2أ”، الذي كان يعتبر مكلفًا وغير موثوق به. كان من المفترض أن يكون “إتش 3” أكثر كفاءة من حيث التكلفة، وأكثر قدرة على المنافسة في سوق الإطلاق العالمي. ومع ذلك، فإن الفشل في أول إطلاقين ألقى بظلال من الشك على هذه التوقعات.
في مارس 2023، شهد إطلاق “إتش 3” الأول فشلاً مماثلاً، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة في البرنامج. أجرت جاكسا تعديلات على تصميم الصاروخ بعد ذلك، وأطلقت عدة صواريخ بنجاح، مما أعاد الأمل في نجاح البرنامج. لكن الفشل الأخير يعيد إحياء المخاوف القديمة.
هذا الفشل يمثل تحديًا كبيرًا لجاكسا، خاصةً في ظل المنافسة الشديدة في مجال إطلاق الصواريخ. تستثمر العديد من الدول والشركات الخاصة بشكل كبير في تطوير تكنولوجيا إطلاق جديدة، مما يجعل من الصعب على اليابان الحفاظ على مكانتها في هذا المجال. تعتبر الاستثمارات في مجال الفضاء ذات أهمية متزايدة للأمن القومي والاقتصاد.
تأتي هذه الأحداث في وقت تشهد فيه برامج الفضاء العالمية زخمًا متزايدًا، مع خطط طموحة لاستكشاف القمر والمريخ. تسعى العديد من الدول إلى تطوير قدراتها الفضائية، سواء من خلال التعاون الدولي أو من خلال البرامج المستقلة. تعتبر القدرة على الوصول إلى الفضاء أمرًا ضروريًا للمشاركة في هذه الجهود.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الحادث قد يؤثر على ثقة المستثمرين في جاكسا والشركات اليابانية العاملة في مجال الفضاء. قد يؤدي ذلك إلى تقليل الاستثمارات في هذا القطاع، مما يعيق تطوره. من المهم بالنسبة لجاكسا استعادة هذه الثقة من خلال إظهار التزامها بتحسين تكنولوجيا الإطلاق.
في الوقت الحالي، تقوم جاكسا بتحليل البيانات المتعلقة بالإطلاق الفاشل لتحديد السبب الجذري للمشكلة. من المتوقع أن يتم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لتقييم الوضع وتقديم توصيات للتحسين. ستعتمد الخطوات التالية على نتائج هذا التحقيق.
من المرجح أن تقوم جاكسا بتأجيل أي إطلاقات مستقبلية لصاروخ “إتش 3” حتى يتم حل المشكلة بشكل كامل. قد يتم أيضًا النظر في إجراء تعديلات إضافية على تصميم الصاروخ، أو حتى تطوير صاروخ جديد بالكامل. من المتوقع أن يتم الإعلان عن خطة العمل التفصيلية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. سيراقب المراقبون عن كثب التقدم الذي تحرزه جاكسا في معالجة هذه المشكلة، وتقييم تأثيرها على برنامج الفضاء الياباني بشكل عام.












