تعهد زهران ممداني، العمدة المنتخب لمدينة نيويورك، بمكافحة الإسلاموفوبيا والتصدي لظاهرة معاداة الفلسطينيين المتزايدة، مؤكداً أن حماية حقوق وكرامة جميع سكان المدينة ستكون حجر الزاوية في إدارته. جاء هذا التعهد في أعقاب تعرض طالب فلسطيني في جامعة براون لموجة من المضايقات والتهديدات عبر الإنترنت، مما سلط الضوء على تفاقم التوترات الدينية والعرقية في الولايات المتحدة.
يستعد ممداني لأداء اليمين الدستورية في الأول من يناير 2026، ليكون بذلك أصغر عمدة يتولى المنصب في نيويورك منذ قرن، والأول من أصول جنوب آسيوية ومسلمة ينتخب لقيادة المدينة في تاريخها الممتد لأربعة قرون. وقد فاز ممداني بأكثر من 50% من الأصوات في انتخابات شهدت حملة شرسة ركزت على خلفيته الدينية ومواقفه السياسية.
مكافحة الإسلاموفوبيا ومعاداة الفلسطينيين: أولوية إدارية
أعرب ممداني عن قلقه العميق بشأن تجربة الطالب مصطفى خربوش، الذي تعرض لتهديدات بالقتل ومضايقات عبر الإنترنت بعد تداول صورة له وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية. وأكد العمدة المنتخب أن هذه الهجمات كانت مدفوعة بأصول خربوش الفلسطينية، وأنها تعكس تصاعداً مقلقاً في الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد الفلسطينيين في المجتمع الأمريكي.
خلال مكالمة هاتفية مع الطالب خربوش، استمع ممداني إلى اهتماماته الأكاديمية في مجال العلاقات الدولية والأنثروبولوجيا، بالإضافة إلى خططه لمتابعة دراسات الدكتوراه في مدينة نيويورك. وأعرب ممداني عن ترحيبه بعودة خربوش إلى المدينة، مؤكداً التزامه بتهيئة بيئة آمنة ومحترمة لجميع السكان.
تأثير حرب غزة على التمييز ضد المسلمين
تأتي تصريحات ممداني في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً في حوادث التمييز ضد المسلمين. فقد أفاد مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) بزيادة قدرها 7.4% في عدد الشكاوى المتعلقة بالتمييز والهجمات ضد المسلمين خلال عام 2024، وذلك في أعقاب اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة.
وبحسب تقرير CAIR، فقد بلغ عدد الشكاوى المسجلة 8,658 شكوى، شملت قضايا تتعلق بالتمييز في العمل، والهجرة واللجوء، والتمييز ضد الطلاب المسلمين والفلسطينيين، بالإضافة إلى جرائم الكراهية. ويشير التقرير إلى أن حرب غزة كانت المحفز الرئيسي لهذه الزيادة، مع تصاعد مشاعر الإسلاموفوبيا ومعاداة العرب.
هذا الارتفاع في حوادث التمييز يعكس مناخاً متزايداً من الاستقطاب والانقسام في المجتمع الأمريكي، حيث تتصاعد التوترات حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. معاداة السامية أيضاً، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بالتزامن مع هذه الأحداث، مما يزيد من تعقيد المشهد.
خلفية ممداني ومواقفه السياسية
يُعرف زهران ممداني بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، حيث وصف إسرائيل في السابق بأنها “نظام فصل عنصري”. كما انتقد بشدة الحرب على غزة، واصفاً إياها بأنها “إبادة جماعية”، مع التأكيد في الوقت ذاته على رفضه لأي شكل من أشكال معاداة السامية. وقد أثارت هذه المواقف جدلاً واسعاً خلال حملته الانتخابية، لكنها أيضاً حظيت بدعم كبير من الناخبين التقدميين والمنظمات الحقوقية.
يعتبر انتخاب ممداني بمثابة تحول تاريخي لمدينة نيويورك، حيث يمثل خروجاً عن التقليد السياسي السائد. فقد شهدت المدينة تاريخياً قيادة من خلفيات عرقية ودينية متنوعة، لكن انتخاب أول مسلم من أصول جنوب آسيوية يمثل لحظة فارقة في تاريخها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيز ممداني على قضايا العدالة الاجتماعية ومكافحة التمييز يتماشى مع التوجهات السياسية المتنامية في المدينة، حيث يطالب العديد من الناخبين بتغيير جذري في السياسات والإجراءات الحكومية. التمييز بجميع أشكاله يمثل تحدياً كبيراً يواجهه ممداني في سعيه لتحقيق رؤيته لمدينة أكثر عدلاً ومساواة.
من المتوقع أن يواجه ممداني تحديات كبيرة في تنفيذ وعوده الانتخابية، خاصة في ظل المناخ السياسي المتوتر والانقسامات العميقة في المجتمع الأمريكي. ومع ذلك، فإن انتخابه يمثل بصيص أمل للمدافعين عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ويشير إلى أن التغيير ممكن حتى في أكثر المدن محافظة.
في الختام، يترقب سكان نيويورك بفارغ الصبر أداء اليمين الدستورية لزهران ممداني في الأول من يناير 2026، وبدء ولايته كعمدة للمدينة. سيكون من المهم مراقبة خطواته الأولى في منصبه، وكيف سيتعامل مع التحديات المعقدة التي تواجه المدينة، وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإسلاموفوبيا والتمييز وضمان حقوق وكرامة جميع السكان. ستكون ردود الأفعال على سياساته ومبادراته حاسمة في تحديد مسار المدينة في السنوات القادمة.













