أعلن يان ليكون، أحد أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي في العالم، عن استقالته من منصبه في شركة “ميتا” لتأسيس شركة جديدة متخصصة في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة. وتسعى الشركة الناشئة، التي تحمل اسم “آدفانسد ماشين إنتيليجنس” (Advanced Machine Intelligence)، إلى جمع تمويل بقيمة 500 مليون دولار، مما قد يرفع قيمتها الإجمالية إلى أكثر من 3.5 مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر عن “فايننشال تايمز”.
من المتوقع أن يتم الكشف عن تفاصيل الشركة الجديدة في يناير/كانون الثاني المقبل، بقيادة يان ليكون وألكسندر لوبرون، المؤسس السابق لشركة تكنولوجيا الصحة الفرنسية “نابلا”. يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه شركات التكنولوجيا سباقًا محمومًا لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي، خاصةً في مجال الأنظمة المستقلة والروبوتات.
تركيز “آدفانسد ماشين إنتيليجنس” على تطوير الذكاء الاصطناعي
تركز الشركة الجديدة على بناء ما يُعرف بـ “نماذج العالم”، وهي أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم العالم الحقيقي من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو والمعلومات الحسية الأخرى. وتهدف هذه النماذج إلى تمكين الآلات من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وواقعية في بيئات معقدة.
تطبيقات “نماذج العالم” المحتملة
تعتبر الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة من أهم التطبيقات المحتملة لـ “نماذج العالم”. فمن خلال فهم قوانين الفيزياء وآلية عمل الأشياء، يمكن لهذه الأنظمة أن تتنقل وتتفاعل مع البيئة المحيطة بها بشكل أكثر أمانًا وفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه التقنية في مجالات أخرى مثل الواقع الافتراضي والمعزز، وتصميم الألعاب، والمحاكاة العلمية.
يستند عمل الشركة الجديدة إلى الأبحاث التي قام بها يان ليكون خلال فترة عمله في “ميتا”، على الرغم من أن “ميتا” ليست مستثمرة حاليًا في الشركة. ومع ذلك، من المتوقع أن تدخل الشركتان في شراكة مستقبلية للاستفادة من خبرات وموارد كل منهما في مجال التعلم الآلي.
يأتي رحيل ليكون من “ميتا” في خضم إعادة هيكلة لقسم الذكاء الاصطناعي في الشركة، بقيادة مارك زوكربيرغ. وقد شهدت “ميتا” في الآونة الأخيرة سلسلة من الاستقالات بين كبار موظفيها في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يعكس التنافس الشديد على المواهب في هذا المجال.
لا تعتبر شركة ليكون الجديدة حالة فريدة من نوعها من حيث جمع التمويل قبل إطلاق المنتج. فشركة “سيف سوبرإنتيلجنس” (Safe Superintelligence)، التي أسسها إيليا سوتسكيفر، أحد مؤسسي “أوبن إيه آي”، تمكنت أيضًا من جمع ملياري دولار قبل الكشف عن أي منتجات. ويعكس هذا الاتجاه الثقة المتزايدة في إمكانات الذكاء الاصطناعي العام (AGI) والسباق المحموم لتطويره.
في سياق متصل، تشهد الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إقبالًا كبيرًا من المستثمرين، الذين يرون في هذا المجال فرصة استثمارية واعدة. ومع ذلك، فإن النجاح في هذا المجال يتطلب ليس فقط التمويل، بل أيضًا فريقًا قويًا من الباحثين والمهندسين، بالإضافة إلى رؤية واضحة واستراتيجية تنفيذية فعالة.
من الجدير بالذكر أن تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة يثير أيضًا تساؤلات أخلاقية واجتماعية مهمة. فمن الضروري التأكد من أن هذه الأنظمة تستخدم بشكل مسؤول وتتوافق مع القيم الإنسانية، وأن يتم اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أي مخاطر محتملة. وتشمل هذه المخاطر التحيز في الخوارزميات، وفقدان الوظائف، وانتهاك الخصوصية.
في الختام، يمثل تأسيس شركة “آدفانسد ماشين إنتيليجنس” خطوة مهمة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في هذا المجال، مع استمرار الشركات في التنافس على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قوة وذكاءً. وسيكون من المهم متابعة التقدم المحرز في هذا المجال، بالإضافة إلى التحديات والمخاطر المرتبطة به.













