بدأت الصين اليوم الاثنين مناورات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان، في إشارة قوية إلى استيائها من التوترات المتصاعدة في المنطقة. تهدف هذه المناورات، التي تشمل قوات بحرية وجوية، إلى إرسال “تحذير صارم” ضد أي محاولة للانفصال أو تدخل خارجي في الشأن التايواني، وفقًا لما صرح به الجيش الصيني. يأتي هذا التطور بعد زيادة الدعم العسكري الأمريكي لتايوان وتصريحات من مسؤولين يابانيين حول إمكانية التدخل.
وتأتي المناورات في وقت حرج، حيث تتصاعد التوترات بين بكين وتايبيه، وتزداد المخاوف الدولية بشأن استقرار مضيق تايوان. وقد أعلنت تايبيه أنها وضعت قواتها في حالة تأهب قصوى، معتبرة أن هذه التدريبات تمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
خلفية التوترات حول تايوان
تعتبر الصين تايوان مقاطعة منشقة يجب أن تعود إلى سيطرتها، حتى بالقوة إذا لزم الأمر. بينما تتمتع تايوان بحكومة منتخبة ديمقراطيًا، إلا أنها لا تحظى باعتراف دولي واسع النطاق كدولة مستقلة. وقد أثارت مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان غضب بكين، التي تعتبرها تدخلًا في شؤونها الداخلية.
الأسبوع الماضي، فرضت الصين عقوبات على شركات أمريكية ودفاعية ومسؤولين، ردًا على حزمة أسلحة بقيمة تزيد عن 10 مليارات دولار وافقت عليها الولايات المتحدة لتايوان. إذا تمت الموافقة عليها من قبل الكونغرس الأمريكي، فستكون هذه أكبر حزمة مساعدات عسكرية أمريكية لتايوان على الإطلاق.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أعربت وزارة الدفاع التايوانية عن قلقها البالغ بشأن المناورات، مؤكدة أنها تراقب الوضع عن كثب وتتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن الجزيرة. وقالت الوزارة في بيان نشر على منصة “إكس” إنها تجري تدريبات استجابة سريعة لتعزيز جاهزيتها القتالية.
من جانبها، أدانت المتحدثة باسم مكتب الرئيس التايواني، كارين كو، المناورات، واصفة إياها بأنها تقوض الاستقرار الإقليمي وتتحدى القانون الدولي. وأضافت أن بلادها “تدين بشدة السلطات الصينية لتجاهلها المعايير الدولية واستخدامها التهديد العسكري لتخويف الدول المجاورة.”
تصريحات رئيسة وزراء اليابان، ساناي تاكايشي، حول إمكانية تدخل بلادها في حال تعرض تايوان لهجوم صيني، أثارت أيضًا رد فعل غاضب من بكين. كما أن تصريح عمدة تايبيه، شيانغ وان-آن، الذي دعا إلى السلام والازدهار في مضيق تايوان، لم يمنع التصعيد.
نطاق مناورات تايوان
أعلن المتحدث باسم قيادة المسرح الشرقي للجيش الصيني، شي يي، أن المناورات ستشمل مناطق واسعة حول تايوان، بما في ذلك مضيق تايوان والمناطق الشمالية والغربية والجنوبية والشرقية. وستركز التدريبات على دوريات الاستعداد القتالي البحرية والجوية، وتعزيز القدرات العسكرية الشاملة، وفرض حصار محتمل على الموانئ الرئيسية.
والجدير بالذكر أن هذه المناورات هي الأولى التي يذكر فيها الجيش الصيني علنًا هدف “الردع متعدد الأبعاد خارج سلسلة الجزر”. ويشير هذا إلى أن الصين تسعى إلى توسيع نطاق قدراتها العسكرية لردع أي تدخل خارجي في المنطقة. وتشمل المناورات استخدام مقاتلات وقاذفات وطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى صواريخ بعيدة المدى.
وتستمر المناورات حتى الساعة 6 مساءً بتوقيت غرينتش+1 من يوم غد الثلاثاء، مما يزيد من حالة الترقب والقلق في المنطقة. وتشمل المناطق الخمسة المحددة حول الجزيرة تدريبات مكثفة تهدف إلى اختبار قدرات الجيش الصيني.
تعتبر هذه المناورات بمثابة رسالة واضحة من الصين إلى الولايات المتحدة واليابان وتايوان، مفادها أنها لن تتسامح مع أي خطوات تعتبرها تهديدًا لسيادتها ووحدتها الوطنية. وتأتي في سياق جهود الصين المتزايدة لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي في منطقة المحيط الهندي والهادئ.
من المتوقع أن يراقب المجتمع الدولي عن كثب تطورات هذه المناورات، وأن يدعو إلى ضبط النفس وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. وستكون ردود الفعل على هذه المناورات من قبل الولايات المتحدة واليابان حاسمة في تحديد مسار التوترات المستقبلية حول تايوان.
في الأيام القادمة، يجب مراقبة رد فعل تايبيه على المناورات، وموقف الكونغرس الأمريكي بشأن حزمة الأسلحة المقترحة، وأي تصريحات إضافية من المسؤولين الصينيين. ستحدد هذه العوامل إلى حد كبير مستقبل العلاقات عبر مضيق تايوان والاستقرار الإقليمي.












