انتخب مجلس النواب العراقي، اليوم الاثنين، هيبت الحلبوسي رئيساً للمجلس في الدورة التشريعية السادسة. يأتي هذا الانتخاب في مستهل عمل البرلمان الجديد، ويشكل خطوة أساسية نحو استكمال المسار السياسي لتشكيل الحكومة العراقية القادمة. وقد حظي الحلبوسي بثقة أغلبية النواب في الجولة الأولى من التصويت، مما يعكس توافقاً نسبياً بين القوى السياسية المختلفة حول شخصيته لقيادة مجلس النواب العراقي.
وجرت الانتخابات في ظل أجواء سياسية معقدة، بعد الانتخابات التشريعية التي شهدت مشاركة واسعة نسبياً على الرغم من مقاطعة بعض القوى المؤثرة. يمثل انتخاب رئيس البرلمان بداية مرحلة جديدة من العمل التشريعي والرقابي، والتي من المتوقع أن تركز على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، بالإضافة إلى إقرار القوانين الضرورية لتحقيق الاستقرار والتنمية.
الجلسة الافتتاحية وانتخاب رئيس مجلس النواب العراقي
عقد البرلمان العراقي جلسته الأولى للدورة السادسة برئاسة النائب الأكبر سناً، عامر الفايز. تضمنت الجلسة فتح باب الترشح لمنصب رئيس المجلس، بالإضافة إلى انتخاب نائبي الرئيس. تنافس على منصب الرئاسة ثلاثة مرشحين، وهم هيبت الحلبوسي، سالم العيساوي، وعامر عبد الجبار، حيث حصل الحلبوسي على 208 أصوات، مقابل 66 صوتاً للعيساوي و9 أصوات لعبد الجبار، مع تسجيل 26 صوتاً باطلاً.
وقبل إجراء التصويت، أعلن النائب مثنى السامرائي، زعيم كتلة العزم، انسحابه من سباق الترشح، في خطوة أشاد بها محمد الحلبوسي، رئيس حزب “تقدم”، واعتبرها موقفاً سياسياً مسؤولاً في هذه المرحلة الحرجة.
توزيع المناصب وفقاً للعرف السياسي
يستند توزيع المناصب في البرلمان العراقي إلى عرف سياسي غير مكتوب، يخصص رئاسة مجلس النواب العراقي للمكون السني، والنائب الأول لرئيس المجلس للمكون الشيعي، والنائب الثاني للأحزاب الكردية. يعكس هذا التوزيع محاولة لضمان تمثيل عادل لجميع المكونات الرئيسية في السلطة التشريعية.
وبحسب النظام الداخلي للمجلس، فإن النائب الأكبر سناً يتولى رئاسة الجلسة الأولى، وهو ما فعله عامر الفايز اليوم. كما ينص الدستور العراقي على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان.
خلفية هيبت الحلبوسي وسيرته الذاتية
ولد هيبت الحلبوسي عام 1980 في محافظة الأنبار، وحصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من الجامعة المستنصرية في بغداد. يتمتع الحلبوسي بشعبية واسعة في محافظة الأنبار، حيث يُعرف بلقب “الشيخ” تقديراً لمكانته الاجتماعية.
يعتبر الحلبوسي شخصية سياسية واقعية، نجحت في بناء علاقات جيدة مع مختلف القوى السياسية، بما في ذلك الإطار التنسيقي والأحزاب الكردية. وقد شغل خلال الدورتين التشريعيتين السابقتين رئاسة لجنة النفط والطاقة النيابية، وهو منصب مهم في بلد يعتمد بشكل كبير على قطاع النفط.
خلال فترة رئاسته للجنة النفط والطاقة، اكتسب الحلبوسي سمعة “مهندس التوافقات النفطية” لدوره في تسهيل الحوارات بين بغداد وأربيل حول قانون النفط والغاز. وقد ساهمت جهوده في تحقيق بعض التقدم في هذا الملف الشائك، على الرغم من استمرار الخلافات.
في الانتخابات الأخيرة، فاز الحلبوسي عن قائمة حزب تقدم في محافظة الأنبار، محققاً أكثر من 51 ألف صوت، مما يؤكد على قاعدة شعبيته الانتخابية القوية. تعتبر هذه النتيجة مؤشراً على ثقة الناخبين في رؤيته وبرامجه السياسية.
الخطوات القادمة وتحديات تشكيل الحكومة
بعد انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي، من المقرر أن ينتخب المجلس نائبين لرئيسه. ثم سيتجه إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو منصب يمثل رمز الوحدة الوطنية. وعقب انتخاب رئيس الجمهورية، سيُكلَّف مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة.
تتوقع الأوساط السياسية أن تستغرق عملية تشكيل الحكومة عدة أشهر، نظراً للتعقيدات السياسية والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. من بين أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة، معالجة مشكلة الفساد، وتنويع مصادر الدخل، وتحسين الخدمات الأساسية، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني.
من المهم متابعة تطورات المشاورات السياسية الجارية بين القوى المختلفة، وتحديد مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر لتشكيل الحكومة. كما يجب مراقبة مدى قدرة الحكومة الجديدة على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، وتحقيق الإصلاحات الضرورية لتحسين حياة المواطنين. الوضع السياسي والاقتصادي في العراق لا يزال يتطلب حذراً ومتابعة دقيقة.












