مع إطلالة العام الجديد 2026، تستعد الأجواء الشتوية لعرض مشهد فلكي بديع. سماء الشتاء هذا العام مليئة بالنجوم اللامعة، بالإضافة إلى فرصة لمشاهدة كوكبين براقين، هما المشتري وزحل، بالتلسكوب أو حتى بالعين المجردة، مما يجعل هذه الفترة مميزة لعشاق مراقبة النجوم.
تتميز هذه الفترة بصفاء الأجواء بعد هطول الأمطار، ما يقلل من الغبار العالق ويوفر رؤية أفضل للأجرام السماوية. يعتبر هذا الوقت مثالياً للاستمتاع بجمال سماء الليل واكتشاف العجائب الفلكية التي تقدمها.
النجوم.. ساطعة في سماء الشتاء
عدّ مراقبو النجوم أن هذا الشتاء سيقدم عرضًا خلابًا، حيث يبرز نجم الشعرى اليمانية بألقه المميز. يُعتبر الشعرى اليمانية أحد ألمع النجوم في السماء، ويمكن تمييزه بسهولة بلونه الأبيض الناصع. يظهر الشعرى اليمانية بالقرب من كوكب المشتري، مما يسهل تحديد موقعهما معًا.
كما يزداد وضوح كوكب المشتري في سماء الشتاء، وهو ما يجذب إليه أنظار هواة الفلك. يشتهر المشتري بأحزمته الغيمية وأقماره المتعددة، والتي يمكن رؤيتها من خلال التلسكوبات.
المشتري: سيد الألق
يُعرف المشتري بين الفلكيين بأنه الكوكب الأكثر إثارة للإعجاب، إذ يقدم دائمًا مشهدًا رائعًا خلال المراقبة. يعكس سطحه تفاصيل مذهلة من الغيوم والظواهر الجوية التي تثير فضول الباحثين والهواة على حد سواء.
أطلق العرب على المشتري اسمًا يعبر عن جماله، مشيرين إلى أنه “اشترى الحسن والجمال لنفسه”. هذا الاسم يعكس الإعجاب بلمعان الكوكب وثباته في السماء.
زحل: جمال الحلقات و تحديات الرؤية
يتميز كوكب زحل بحلقاته الرائعة، والتي تجذب إليه الانتباه. مع ذلك، يتطلب رؤية زحل بشكل واضح استخدام تلسكوب أكبر قليلًا مقارنة بالمشتري. يعود ذلك إلى المسافة الأبعد التي تفصل زحل عن الأرض.
تخضع رؤية حلقات زحل لدورات بسبب ميل مدار الكوكب. في بعض الأوقات، تصبح الحلقات غير مرئية تقريبًا، بينما تظهر بوضوح في أوقات أخرى. الفترة الحالية تشهد عودة ظهور الحلقات بشكل تدريجي.
تزداد أهمية مراقبة زحل في هذه الفترة، حيث يمكن للراصدين الاستمتاع بجمال حلقاته بعد فترة من الاختفاء النسبي. يُعد هذا الحدث فرصة رائعة لعشاق الفلك لالتقاط صور مذهلة للكوكب.
كوكبة الجوزاء: تحفة فلكية
لا تكتمل متعة مراقبة سماء الشتاء دون التوجه إلى كوكبة الجوزاء، المعروفة أيضًا بالجبار أو الصياد. تعتبر الجوزاء من أبرز الكوكبات في سماء الليل، وتتميز بلمعان نجومها وشكلها المميز.
أطلق العرب على الجوزاء أسماء مختلفة، منها “المنطقة” و”النظام”، وهي أسماء تشير إلى أهميتها في تحديد المواقع الفلكية. تضم الكوكبة مجموعة من النجوم اللامعة التي تشكل خطوطًا واضحة في السماء.
يُذكر أن كوكبة الجوزاء كانت محط اهتمام كبير لدى العرب القدماء، الذين استخدموها في تحديد الفصول والمواعيد الزراعية. لا تزال الكوكبة تحافظ على مكانتها كرمز للجمال والإلهام في مجال الفلك.
الثريا: عنقود النجوم الساحر
يُعد عنقود الثريا من أجمل التجمعات النجمية التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. يتكون العنقود من سبعة نجوم رئيسية، ويمكن للراصدين ذوي البصر الجيد رؤية المزيد من النجوم الصغيرة المحيطة به.
تحظى الثريا بأهمية خاصة في الثقافة العربية، حيث ارتبطت بقصص وحكايات قديمة. يُقال إن الثريا كانت فتاة جميلة، وأن حركتها في السماء مرتبطة بقصة حب أسطورية.
تُعتبر الثريا علامة مميزة في سماء الشتاء، ويمكن استخدامها لتحديد الاتجاهات والمواقع الفلكية الأخرى. يُنصح هواة الفلك بمراقبة الثريا في الليالي الصافية للاستمتاع بجمالها الساحر.
نظرة إلى المستقبل
من المتوقع أن يستمر كوكب المشتري وزحل في الظهور بوضوح في سماء الشتاء خلال الأشهر القليلة القادمة. سيكون شهر فبراير/شباط 2026 فرصة لمشاهدة كوكب الزهرة، والذي سيفوقهما لمعاناً. سيستمر اهتمام الباحثين والراصدين بمراقبة هذه الأجرام السماوية ودراسة خصائصها، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الجوية والتلوث الضوئي التي قد تؤثر على وضوح الرؤية. يبقى التطور التكنولوجي في مجال التلسكوبات ومعدات الرصد الفلكي عاملاً حاسماً في تعزيز قدرتنا على استكشاف الكون.













