قفز متوسط أسعار المنازل في المملكة المتحدة بنحو 4500 جنيه إسترليني هذا الشهر، لكن الخبراء ما زالوا يتوقعون أن يكون العام 2024 “عامًا أكثر سلاسة” للمشترين.
وفقًا لـ Rightmove العقاري، يبلغ سعر الطلب النموذجي للعقار البريطاني الآن 359.748 جنيه إسترليني، وهو أقل بنسبة 0.7 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.
كما أن عدد المنازل الجديدة المعروضة للبيع في السوق أعلى بنسبة 15بالمئة عما كان عليه هذا الوقت في العام 2023، وهو ما يتجاوز الزيادة البالغة 5 بالمئة في الطلب من المشترين، بحسب شبكة “سكاي نيوز”.
في حين أن التضخم الذي هيمن على العام الماضي يبدو أنه ينحسر، يشير الموقع إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة وأزمة تكاليف المعيشة لا تزال تؤثر على القدرة الشرائية.
وبحسب مدير العقارات في شركة Rightmove تيم بانيستر، فإن المزيد من البائعين الجدد يدخلون إلى السوق الآن وبأسعار أكثر ثقة، مضيفاً: “على الرغم من أن المستوى المتزايد لنشاط المشتري الذي نشهده أيضًا قد يبرر بعضًا من هذه الثقة المتزايدة في الأسعار من جانب البائعين، فمن المهم ألا ينجرف البائعون الذين يحرصون على العثور على مشترٍ في حماسة العام الجديد عند تحديد أسعارهم (توقعات الأسعار)”.
- كان الاهتمام من المشترين المحتملين أعلى في لندن وشمال شرق إنكلترا خلال الأسبوع الأول من شهر يناير.
- يقول وكلاء العقارات إنهم شهدوا ارتفاعاً طفيفاً في التقييمات والمشاهدات، حيث يقوم المشترون المحتملون أيضًا بتقييم ما يمكنهم تحمله.
العقارات دون المليون إسترليني
من جانبه، أشار الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية في لندن، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن قطاع العقارات في المملكة المتحدة “مختلف بعض الشيء عن نظرائه من أسواق العقارات الأخرى”، وينقسم لشقين: الأول: “السوق ما فوق المليون إسترليني”، والثاني: “ما دون المليون استرليني”.
ويضيف في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: سوق المنازل فوق المليون إسترليني صاعد باستمرار ولا يزال قوياً؛ بسبب المستثمرين الأثرياء والمستثمرين من الخارج، وعلى العكس بالنسبة للسوق دون المليون إسترليني، فهي سوق ضعيفة ومتأثرة بشكل أكبر بضعف الاقتصاد البريطاني، وكذلك ارتفاعات أسعار الفائدة.
ويؤكد أن هذا القطاع (ما دون المليون إسترليني) يُمثل القطاع العقاري الإسكاني في بريطانيا، ومن المرجح أن يستمر على هذا الضعف خلال العام الجاري 2024، حتى إذا لجأ بنك إنكلترا إلى خفض سعر الفائدة، ويعود ذلك إلى سببين رئيسيين، وهما:
- الارتفاعات القياسية في نسبة التضخم في بريطانيا خلال العامين الماضيين، كما أن نسبة التضخم انخفضت لكنها مازالت مرتفعة تاريخياً وهذا أيضاً ضاغط كبير على نمو الأجور؛ فنمو الأجور يصعد في نسبة أقل من نسبة التضخم، وبما ضغط بدوره على قدرة المستهلك البريطاني في شراء هذه العقارات.
- ومن ناحية أخرى نتحدث عن العقار التجاري، أيضاً هو في موقع ضعيف، بسبب تباطؤ الاقتصاد البريطاني، وضعف المستهلك، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفائدة.. فقط القطاع الواعد هو القطاع السكني ما فوق المليون استرليني.
وبالعودة لتقرير “سكاي نيوز” فإنه نقل عن بول بايليس، من شركة Square Room Estate Agents في لانكشاير، قوله: “لقد بدأنا أيضاً نرى عودة الشركات الكبيرة التي أصبحت الآن أكثر ثقة في الحصول على رهن عقاري أكبر”.
وفي الوقت نفسه، قالت شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك إنها تتوقع الآن أن ترتفع أسعار المنازل بنسبة 3 بالمئة في عام 2024. وحتى شهر أكتوبر الماضي، كانت الشركة تتوقع انخفاض الأسعار بنسبة 4 بالمئة هذا العام.
وتأتي التوقعات المنقحة وسط تزايد الثقة في أن بنك إنجلترا سيخفض أسعار الفائدة عدة مرات في الأشهر المقبلة مع تراجع التضخم.
عام صعب
وعلى العكس من تلك التقديرات المُحدثة، يقول الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، إن سوق العقارات في بريطانيا تنتظره سنة قد تكون صعبة؛ ذلك أن معظم التوقعات تشير إلى انخفاض جديد محتمل في الأسعار، وسينخفض متوسط أسعار المنازل مع تزايد المنافسة بين البائعين.
ويوضح في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن “رايت موف” وهو أكبر موقع عقاري في بريطانيا يرى أنه من المرجح أن يضطر البائعون إلى تحديد أسعار أكثر تنافسية لتأمين المشتري هذا العام، لكن معدلات الرهن العقاري ستستقر رغم أنها ستبقى مرتفعة مع استمرار سوق العقارات في مواجهة ارتفاع تكاليف الرهن العقاري وتكلفة المعيشة بشكل كبير.
ويضيف: “عدد البائعين الذين اضطروا إلى خفض سعر الطلب خلال العام الماضي ارتفع إلى 39 بالمئة، وقد يرتفع 10 بالمئة إضافية هذا العام”، بحسب تلك التقديرات المشار إليها، لافتًا إلى أن كثيراً من المستثمرين الأجانب والعرب يفضّلون السوق العقارية في بريطانيا لجاذبيتها وتحقيقها أرباح لا تتوفر في كثير من الدول الأخرى.
كذلك يشدد على أن ما يُبقي هذه السوق متماسكة هو قلة المعروض من المساكن في السوق وعجز الحكومة والقطاع الخاص عن مسايرة زيادة الطلب من خلال بناء وحدات سكنية تجاري ارتفاع الطلب الداخلي؛ فهناك حاجة لأكثر من 300 ألف وحدة سكنية تحتاجها السوق، بما يؤدي للضغط على أسعار الإيجارات التي تضاعفت لهذا السبب”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحكومة تدرس فرض بعض الضرائب الإضافية على المستثمرين الأجانب في قطاع العقارات، بعد أن وجدت آلاف الوحدات السكنية التي يمتلكها أجانب تبقى فارغة رغم الحاجة الماسة لتوفير عقارات بأسعار مقبولة لقطاعات واسعة من الموظفين والعاملين في الدولة.
ويتسطرد القاسم في معرض تحليل شاركه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” لواقع القطاع العقاري، قائلاً: سوق العقارات البريطانية تخضع لقانون العرض والطلب، إضافة إلى عوامل اقتصادية داخلية عدة، فضلًا عن الانتخابات العامة والتي قد تُجلب حزب العمال إلى السلطة، والمعروف تاريخيا بتسهيل تملك الشقق وتسهيل إجراءات البيع والشراء.
ارتفاع الفائدة
ومن لندن أيضاً، يشير عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن قطاع العقارات في بريطانيا ورغم كونه أحد أكبر وأضمن عوامل الاستثمار داخل المملكة المتحدة، إلا أنه تأثر بشكل كبير العام الماضي؛ جراء عدة عوامل؛ من بينها ارتفاع أسعار الفائدة،وبما وقف حائلاً أمام زيادة نسب الشراء، خاصة لمن يشتري لأول مرة.
ويضيف: “شروط البنوك أسهمت أيضاً في انخفاض معدل شراء العقارات، فضلاً عن ارتفاع نفقات المعيشة خلال الفترة الأخيرة”، متوقعاً في السياق نفسه تراجع معدلات نسبة شراء العقارات في العام الجاري 2024 أيضاً بنسبة قد تصل إلى 9 بالمئة، بينما يتوقع مختصون ارتفاع نسب الشراء مع بداية العام 2025، بعد تلميحات بنك إنكلترا بخصوص خفض الفائدة بحلول نهاية 2024.