أعلنت الرئاسة النيجيرية، الثلاثاء، إطلاق سراح 24 تلميذة كنّ قد اختُطفن الأسبوع الماضي من مدرسة داخلية حكومية بولاية كبّي شمال غربي البلاد، في أحدث حلقة من مسلسل اختطاف التلاميذ الجماعي الذي تشهده مناطق الشمال. ورحّب الرئيس بولا تينوبو بالإفراج عن الفتيات، مؤكداً أن حكومته ستكثّف جهودها لإنقاذ بقية المحتجزين.
وقع الهجوم في 17 نوفمبر/تشرين الثاني حين اقتحم مسلحون المدرسة بعد دقائق من مغادرة وحدة عسكرية كانت تؤمّن المكان. وتأتي هذه الحادثة في ظل تزايد المخاوف بشأن الأمن في شمال نيجيريا، حيث تتصاعد عمليات الخطف بهدف الحصول على فدية، مما يؤثر على التعليم والاستقرار الإقليمي.
مأساة متجددة: تفاقم أزمة اختطاف التلاميذ في نيجيريا
تكررت في السنوات الأخيرة عمليات خطف جماعي للتلاميذ في شمال نيجيريا، حيث تنشط عصابات مسلحة تستهدف المدارس والقرى النائية بغرض الحصول على فدية، في ظل ضعف الإمكانات الأمنية المحلية. وتشكل هذه الحوادث تحدياً كبيراً للحكومة النيجيرية، التي تواجه صعوبات في تأمين المناطق النائية ومكافحة الجريمة المنظمة.
وفي حادث منفصل الثلاثاء، اختطف مسلحون 10 نساء وأطفال من قرية في ولاية كوارا غرب البلاد، بعد أن أطلقوا النار عشوائيا أثناء المداهمة. وأوضح مفوض الشرطة في الولاية أن المهاجمين ينتمون إلى مجموعة من “الرعاة”، مشيراً إلى أن القرية المستهدفة تقع بجوار أخرى شهدت قبل أسبوع اختطاف 35 شخصاً. هذه الأحداث المتتالية تثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية المتخذة.
الأسباب الجذرية لعمليات الخطف
يعزو المحللون أسباب تفاقم أزمة اختطاف التلاميذ إلى عدة عوامل، منها الفقر المدقع، والبطالة، وغياب فرص التعليم، وتوفر الأسلحة الخفيفة. بالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن الصراعات العرقية والدينية تساهم في تأجيج العنف وزيادة عمليات الخطف. وتشير التقارير إلى أن بعض الجماعات المسلحة تستغل هذه الظروف لتحقيق مكاسب مالية وسياسية.
تداعيات أزمة الخطف على التعليم
تسببت عمليات الخطف المتكررة في تعطيل العملية التعليمية في العديد من المناطق، حيث اضطرت المدارس إلى الإغلاق خوفاً على سلامة الطلاب والمعلمين. كما أدت إلى تراجع معدلات الالتحاق بالمدارس، خاصة بين الفتيات، مما يهدد مستقبل التعليم في شمال نيجيريا. وتشير الإحصائيات إلى أن ملايين الأطفال النيجيريين محرومون من حقهم في التعليم بسبب هذه الأزمة.
وتزامنت هذه التطورات مع أكبر عملية اختطاف جماعي في البلاد منذ سنوات، إذ هاجم مسلحون يوم الجمعة مدرسة كاثوليكية في ولاية النيجر (وسط البلاد) واحتجزوا أكثر من 300 طالب وموظف، بينما تمكن نحو 50 طالبا من الفرار خلال عطلة نهاية الأسبوع. لم تعلن حتى الآن، أي جهة مسؤوليتها عن اختطاف أطفال مدرسة “سانت ماري”، ولم تُقدَّم مطالب بفدية، مما يزيد من حالة الغموض والقلق لدى الأهالي.
وتواجه الحكومة النيجيرية ضغوطاً متزايدة من المجتمع الدولي ومن منظمات حقوق الإنسان لضمان سلامة الطلاب المحتجزين وإطلاق سراحهم في أقرب وقت ممكن. كما تطالب هذه الجهات بتبني استراتيجية شاملة لمكافحة الجريمة المنظمة وتحسين الأمن في المناطق النائية.
من المتوقع أن تواصل الحكومة النيجيرية جهودها الدبلوماسية والأمنية لإطلاق سراح الطلاب المتبقين. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل هذه الرهائن، وما إذا كانت ستتمكن الحكومة من تحقيق تقدم ملموس في مكافحة الخطف. وستظل هذه القضية على رأس أولويات الحكومة النيجيرية في الفترة القادمة، مع التركيز على تعزيز التعاون مع المجتمعات المحلية وتوفير الدعم اللازم للمتضررين من هذه الأزمة. كما يجب مراقبة تطورات الوضع الأمني في شمال نيجيريا، وتقييم فعالية الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه التحديات.













