سجلت الأسهم الأوروبية مكاسب ملحوظة في تداولات الثلاثاء، لتختتم الجلسة بارتفاع قياسي لليوم الثاني على التوالي. ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى الأداء القوي لقطاعي البنوك والمواد الأولية، على الرغم من أن حجم التداول المتدني المعتاد في نهاية العام حد من الزخم الصاعد. ويدعم هذا الأداء الإيجابي التوقعات بتحقيق الأسهم الأوروبية أداء سنوي قوي، هو الأفضل منذ عام 2021.
وشمل هذا الارتفاع معظم البورصات الرئيسية في القارة، حيث أغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي على ارتفاع بنسبة 0.6٪ ليسجل 592.78 نقطة، مقترباً بشكل ملحوظ من مستوى 600 نقطة. يأتي هذا في وقت يشهد فيه السوق العالمي تقلبات في أعقاب قرارات البنوك المركزية وتغيرات في الاستثمار.
أداء قطاعي البنوك والمواد الأولية يقود صعود الأسهم الأوروبية
تألق قطاع البنوك بشكل خاص، حيث ارتفع مؤشره بنسبة 1.3٪. يعكس هذا التحسن الآفاق المتزايدة للقطاع المصرفي في منطقة اليورو، مدعومة بالسياسات النقدية الأكثر مرونة والتحسن في الوضع الاقتصادي العام. بالإضافة إلى ذلك، شهد قطاع الطيران والدفاع مكاسب جيدة، بصعود بلغ 1.4٪.
وعلى صعيد السلع، ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 1.7٪، مع استقرار أسعار الفضة والذهب بعد فترة من التراجع الحاد عن مستويات قياسية سابقة. يشير هذا الاستقرار إلى عودة الثقة في هذه الأصول كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
تحركات في الأسواق الإقليمية الرئيسية
لم يقتصر الارتفاع على المؤشر ستوكس 600 فحسب، بل امتد ليشمل الأسواق الإقليمية الكبرى أيضاً. ارتفع المؤشر فاينانشال تايمز 100 البريطاني بنسبة 0.7٪، بينما زاد المؤشر داكس الألماني بنسبة 0.6٪. يعكس هذا التناسق قوة الاتجاه الصعودي في جميع أنحاء المنطقة.
ورغم هذه المكاسب، يظل حجم التداول منخفضًا بشكل ملحوظ مع اقتراب نهاية العام. يرجع ذلك إلى أن العديد من المستثمرين يفضلون إغلاق دفاترهم في نهاية العام وتجنب اتخاذ أي مخاطر كبيرة قبل بداية العام الجديد. يشكل هذا التداول الضعيف تحديًا لاستمرار الزخم الصعودي.
يدعم هذا الارتفاع في الأسهم الأوروبية عدة عوامل رئيسية، من بينها التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الرئيسية في المنطقة. يشجع ذلك على الاستثمار في الأسهم كبديل عن السندات ذات العائد المنخفض. كما أن التزام الحكومة الألمانية بزيادة الإنفاق العام وتعزيز النمو الاقتصادي قد أثر بشكل إيجابي على ثقة المستثمرين.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن بعض المستثمرين يقومون بتنويع محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية، نحو الأسهم الأوروبية التي قد تقدم فرصًا أفضل للنمو على المدى الطويل. وتزايد هذا التوجه نتيجة لتقييمات أسهم التكنولوجيا الأمريكية المرتفعة والمخاوف بشأن تدخلات الجهات التنظيمية.
وتشير التحليلات إلى أن قطاع التكنولوجيا الأوروبي، على الرغم من أنه لا يزال متخلفًا عن نظيره الأمريكي، إلا أنه يشهد نموًا متسارعًا في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية (FinTech). ويعتبر ذلك محفزًا إضافيًا لتدفق الاستثمارات إلى الأسهم الأوروبية.
مع ذلك، لا يزال هناك بعض المخاطر التي تواجه الأسواق الأوروبية، مثل التوترات الجيوسياسية المستمرة وارتفاع أسعار الطاقة. فوفقًا لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، فإن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال هشًا، وقد يؤدي أي تصعيد في التوترات الجيوسياسية أو صدمة جديدة في أسعار الطاقة إلى تباطؤ النمو في منطقة اليورو. وتعتبر هذه العوامل بمثابة نقاط مراقبة للمستثمرين.
يتجه المؤشر ستوكس 600 لتحقيق أداء سنوي قوي قبل انتهاء عام 2023. لكن، هذا الأداء يظل رهناً باستمرار الظروف الاقتصادية والسياسية الإيجابية. ومن المتوقع أن تشهد الأسواق الأوروبية مزيدًا من التقلبات في الفترة المقبلة، لا سيما مع اقتراب صدور بيانات اقتصادية مهمة وتطورات سياسية جديدة. سيكون أداء الأسهم الأوروبية في الربع الأول من عام 2024 مؤشرًا رئيسيًا على اتجاه السوق خلال العام.
ينتظر المستثمرون الآن بيانات التضخم والنمو الاقتصادي التي ستصدر في الأسابيع المقبلة، والتي ستساعد في تحديد مسار أسعار الفائدة والسياسات النقدية للمصارف المركزية. كما أنهم يراقبون عن كثب التطورات الجيوسياسية في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتي قد يكون لها تأثير كبير على الأسواق.













