تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حملة تضليل إعلامي متصاعدة ومنسقة، بهدف تقويض دورها وتفكيكها، وذلك وفقًا لتصريحات الوكالة. وتأتي هذه الحملة في ظل ضغوط سياسية متزايدة على الوكالة، خاصةً من قبل إسرائيل، والتي تتهمها بدعم حركات المقاومة. هذه الهجمات تؤثر بشكل مباشر على قدرة الأونروا على تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين.
وقالت الأونروا إن هذه الحملة بلغت “مستويات غير مسبوقة” خلال العامين الماضيين، وتتضمن نشر معلومات مضللة حول طبيعة عملها وأهدافها. وتؤكد الوكالة أن هذه الجهود تهدف إلى إضعاف الدعم الدولي لها، وتقويض قدرتها على الاستمرار في تقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها المختلفة.
حملة التضليل ضد الأونروا وتأثيرها على اللاجئين
تتركز إحدى أبرز الادعاءات التي تنشرها هذه الحملة على أن الأونروا تعمل على إدامة حالة اللجوء لدى الفلسطينيين، بدلًا من السعي لإيجاد حلول دائمة. إلا أن الوكالة تشدد على أن بقاء اللاجئين في حالة لجوء هو نتيجة مباشرة لعدم وجود حلول سياسية عادلة وشاملة لقضيتهم، وليس بسبب سياسات الأونروا. وتوضح أن دورها يقتصر على تقديم الخدمات الأساسية لهم في ظل هذه الظروف الصعبة.
الضغوط الإسرائيلية المتزايدة
تعرضت الأونروا لضغوط إسرائيلية متصاعدة، خاصةً خلال الحرب في قطاع غزة. اتهمت إسرائيل الوكالة بدعم حماس وتوظيف عناصر مرتبطة بها، وهي اتهامات نفتها الأونروا بشدة. بالإضافة إلى ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي مقرات ومنشآت الأونروا في غزة، مما أدى إلى تعطيل عملها وتعريض حياة العاملين والمستفيدين للخطر.
في عام 2024، اتخذ الكنيست الإسرائيلي قرارًا بحظر عمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية، وأبلغت إسرائيل الأمم المتحدة رسميًا بإلغاء اتفاقية التعاون مع الوكالة التي كانت قائمة منذ عام 1967. وقد تصاعدت هذه الإجراءات مؤخرًا مع اقتحام الجيش الإسرائيلي لمقر الأونروا الرئيسي في القدس، ومصادرة الممتلكات، واستبدال علم الأمم المتحدة بالعلم الإسرائيلي، وفقًا لتصريحات الوكالة.
تداعيات محتملة على الخدمات المقدمة
تحذر الأونروا من أن تفكيكها سيؤدي إلى تداعيات كارثية على اللاجئين الفلسطينيين، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في المخيمات ويعتمدون عليها بشكل كامل للحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. وتشير إلى أن المتضرر الأكبر سيكون الفئات الأكثر فقرًا وضعفًا، والذين ليس لديهم بدائل أخرى للأونروا.
وتؤكد الوكالة أن نشر المعلومات المضللة يشتت الانتباه عن القضايا الحقيقية، ويضر بالفئات الأكثر ضعفًا في المنطقة. وترى أن الحل الحقيقي يكمن في استثمار جهود حقيقية لتحقيق السلام، وبناء مؤسسات فلسطينية قوية ومستدامة قادرة على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني. وتشير إلى أهمية دعم اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على حقوقهم المشروعة.
تأسست الأونروا في ديسمبر 1949 بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 302، وذلك لتوفير المساعدة والعمل للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا نتيجة حرب عام 1948. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الوكالة منظمة دولية رئيسية معنية بقضايا اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم، وتقدم لهم خدمات متنوعة في مجالات التعليم والصحة والإغاثة في مناطق عملياتها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. وتعتبر قضية اللاجئين من القضايا المحورية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتأتي هذه التطورات في ظل تداعيات الحرب التي اندلعت في قطاع غزة في 8 أكتوبر 2023، والتي أدت إلى نزوح وتدمير واسع النطاق. وتزداد الحاجة إلى خدمات الأونروا في غزة بشكل خاص، حيث يعاني السكان من ظروف إنسانية صعبة للغاية. وتشير التقارير إلى أن الحرب أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين، وزيادة اعتمادهم على المساعدات الإنسانية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقليص الدعم المالي المقدم للأونروا، والذي شهد انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، يهدد قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات للاجئين. وتعتمد الوكالة بشكل كبير على التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتواجه صعوبات في جمع التمويل الكافي لتغطية احتياجات اللاجئين المتزايدة. وتشكل هذه التحديات المالية تهديدًا حقيقيًا لاستقرار الأونروا وقدرتها على الوفاء بمسؤولياتها.
في الوقت الحالي، لا تزال الأونروا تعمل على جمع الأدلة المضادة للمعلومات المضللة التي تنشرها ضدها، وتسعى إلى حشد الدعم الدولي لمواصلة عملها. ومن المتوقع أن يناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الوضع في الأونروا في اجتماع قادم، وقد يتخذ قرارات بشأن مستقبل الوكالة. ويجب مراقبة التطورات السياسية والقانونية المتعلقة بالأونروا عن كثب، وتقييم تأثيرها على اللاجئين الفلسطينيين.













