اشتعلت الحرب في سوريا فجأة توازيًا مع وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وانهارت بشكل مباغت” اتفاقات “آستانا” التي كانت قد أخمدتها قبل خمس سنوات، فعادت الفصائل المسلحة للقتال على الأراضي السورية بأشكال متطورة وبأسماء مختلفة.. فما الذي يحدث؟ ومن هي أبرز الجهات التي تتحارب في دمشق؟
أطلقت المعارضة السورية المسلحة، يوم الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني، هجومًا مفاجئًا وواسعًا على قوات النظام السوري، وسمّت العملية “ردع العدوان”، معلنة عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم جميع الفصائل الرئيسية للمعارضة المسلحة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وحركة أحرار الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، إضافة إلى مجموعات من الحزب الإسلامي التركستاني.
وقد أثار توقيت العملية العديد من التساؤلات، حيث فسّرها البعض على أنها تحالف أمريكي-إسرائيلي-تركي يهدف إلى قطع إمداد السلاح عن حزب الله، الذي وقّع اتفاق وقف إطلاق النار في اليوم ذاته الذي بدأت فيه العملية. بينما رأى آخرون أنها ردة فعل “طبيعية” على ترك الأزمة السورية دون حل سياسي.
وقال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني، الثلاثاء: “: لم نتوقع أن تقع تركيا في الفخ الذي حفرته لها الولايات المتحدة وإسرائيل”.
المتحاربون الرئيسيون في الصراع
هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا
تُعد هيئة تحرير الشام، المدعومة من تركيا، العمود الفقري العسكري للمعارضة السورية المسلحة. وهي جماعة إسلامية سنية أصولية كانت مرتبطة بجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وشاركت في الحرب الأهلية السورية منذ عام 2011. كما لعبت دورًا رئيسيًا في ثلاث اتفاقات لوقف إطلاق النار بين عامي 2017 و2020، التي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والأردن وإيران.
قوات النظام السوري المدعومة من روسيا وإيران
تمثل قوات النظام السوري الجيش التابع للرئيس بشار الأسد، وتحظى بدعم روسيا وإيران، اللتين منعتا انهيار الحكومة بعد اندلاع ما يُعرف بـ”ثورات الربيع العربي”.
ثورات الربيع العربي وبداية الأزمة
في عام 2011، وضمن موجات الربيع العربي، خرجت مظاهرات “سلمية” في سوريا ضد حكومة الأسد، تنديدًا بما وصفه المتظاهرون بـ”النظام القمعي” لحزب البعث، الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1970 بقيادة حافظ الأسد، ومن ثم ورث ابنه بشار الحكم بعد وفاة والده وشقيقه.
وسرعان ما استغلت القوى الإقليمية هذه التظاهرات، إذ تلقت المعارضة السورية دعمًا عسكريًا من تركيا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، إضافة إلى دعم الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل لفصائل أخرى. في المقابل، حشدت إيران وروسيا وحزب الله جهودها لمنع سقوط نظام الأسد.
وتوسّع الصراع على الأراضي السورية، حيث سعت أنقرة لاستغلال ضعف النظام لدحر قوات “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية)، وهي جماعة مكونة أساسًا من الأكراد ومدعومة من واشنطن.
كما ظهرت في عام 2013 جماعة مسلحة متطرفة تُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وسيطرت على أجزاء واسعة من الأراضي السورية والعراقية.
ما هي مصالح روسيا وإيران من دعم الأسد؟
- روسيا: تحمي موسكو مصالحها الاستراتيجية، حيث تمتلك قاعدتين مهمتين في شرق البحر المتوسط على الساحل السوري: قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة جوية في حميميم.
- إيران: ترى طهران في بقاء الأسد ضمانًا لاستمرار خط توريد الأسلحة إلى لبنان وحزب الله، الذي شارك بدوره في القتال داخل سوريا.
وبحلول عام 2015، تمكن الأسد وحلفاؤه من استعادة أجزاء كبيرة من الأراضي من الجماعات المسلحة وداعش. وفي عام 2016، جرى تحرير مدينة حلب، التي كانت خاضعة لجبهة النصرة والجيش السوري الحر، بعد أربع سنوات من المعارك والحصار.
ما هو دور الولايات المتحدة الأمريكية؟
دخلت الولايات المتحدة الحرب السورية في عام 2014، تحت شعار “القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية” وحماية الأكراد وقوات “قسد”. لكنها ركزت أيضًا على مواجهة إيران وحزب الله. وتحتفظ الولايات المتحدة بقاعدة عسكرية في التنف، الواقعة على الحدود مع العراق وبالقرب من الأردن. ومن هذه القاعدة، شنت القوات الأمريكية ضربات ضد أهداف إيرانية في المنطقة.
كيف “انتهى” الصراع؟
بين عامي 2017 و2020، أُجريت سلسلة من المفاوضات بين الأطراف المتصارعة، أدت إلى وقف هش لإطلاق النار. وكان النظام السوري قد استعاد في تلك الفترة نحو 80% من الأراضي.
حاليًا، تُسيطر “حكومة الإنقاذ السورية”، وهي نظام حكم بديل لقوى المعارضة، على أجزاء من شمال سوريا وشرقها، ويقع مقرها الأساسي في إدلب. في الوقت ذاته، تحتل تركيا مناطق واسعة شمال سوريا على طول الحدود، حيث تديرها بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة وعدة فصائل معارضة. ولا تزال بعض المناطق الصغيرة في سوريا تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.