على الرغم من تأكيدات الحكومة الإسرائيلية، تشير التقارير إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تمثل انتهاكات لوقف إطلاق النار، حيث تترافق مع عمليات إخلاء وتسيطر على مناطق جديدة. يأتي هذا في ظل استمرار التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، وتأثير ذلك على حياة المدنيين الفلسطينيين. ويؤكد الخبراء العسكريون أن هذه التحركات قد تهدف إلى تحقيق مكاسب تفاوضية مستقبلية.
وفي تحليل للمشهد العسكري الحالي، أوضح اللواء فايز الدويري أن عمليات التفجير التي يقوم بها جيش الاحتلال تهدف إلى توسيع سيطرته على الأرض، واستخدام هذه المساحات كأوراق ضغط في أي مفاوضات محتملة. ويشير إلى أن هذه الأفعال لا تتوافق مع بنود الاتفاق القائم، والذي يفترض أن يشمل وقفاً كاملاً للعمليات القتالية من كلا الجانبين.
مئات الانتهاكات لـ وقف إطلاق النار
رصد مكتب الإعلام الحكومي في غزة ما يقرب من 400 خرق لاتفاق وقف إطلاق النار منذ بدء سريانه في العاشر من الشهر الماضي. وقد أسفرت هذه الخروقات عن مقتل 300 شخص وإصابة المئات، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني والأمني في القطاع.
في المقابل، صرح الجيش الإسرائيلي بأن لواء كفير يعمل في منطقة “الخط الأصفر” بهدف تدمير البنية التحتية التي يُزعم استخدامها في الهجمات العسكرية. وأضاف أنه تم العثور على أسلحة مختلفة، بما في ذلك البنادق والقنابل، في هذه المناطق.
توسع المنطقة الصفراء
يسعى جيش الاحتلال إلى توسيع المنطقة الصفراء التي يسيطر عليها بموجب الاتفاق، والتي تمثل حاليًا 53٪ من مساحة قطاع غزة. وقد شهدت مناطق مثل الشجاعية وبيت حانون في الشمال وخان يونس في الجنوب عمليات استهداف وتفجير منازل، بدعوى وجود تهديدات أمنية. هذه العمليات تثير قلقًا بالغًا بشأن سلامة المدنيين.
وتشير بعض التحليلات إلى أن إسرائيل قد تستغل هذه الخروقات لتبرير توسيع وجودها العسكري في غزة، أو لإجبار الفلسطينيين على الخروج من مناطق معينة. كما يرى البعض أن هذه التحركات تهدف إلى الضغط على الفصائل الفلسطينية للقبول بشروط معينة في أي اتفاق مستقبلي. وتعتبر هذه التكتيكات جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية في المنطقة.
الوضع الحالي يثير تساؤلات حول مستقبل الهدنة، واحتمالية انهيارها في أي لحظة. وتزداد المخاوف من تصعيد جديد للعنف، وتأثيره المدمر على المدنيين في غزة. وتشير التقارير إلى أن هناك جهودًا دبلوماسية جارية لوقف الخروقات، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق.
بالإضافة إلى الوضع العسكري، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، ونقص الإمدادات الأساسية. وتعاني المستشفيات من نقص الأدوية والمعدات الطبية، مما يعيق قدرتها على تقديم الرعاية اللازمة للمرضى والجرحى. وتدعو المنظمات الدولية إلى رفع الحصار عن غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية خلال الأيام القادمة، بهدف تحقيق استقرار دائم في قطاع غزة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق السلام، بما في ذلك الخلافات حول شروط الهدنة الدائمة، ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ويجب على جميع الأطراف المعنية إظهار التزام حقيقي بالسلام، والعمل على تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو ردود فعل الفصائل الفلسطينية على هذه الخروقات، وموقف المجتمع الدولي من الوضع في غزة. كما يجب متابعة أي تطورات جديدة في المفاوضات، واحتمالية التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم، وتحسين الظروف المعيشية للمدنيين الفلسطينيين. الوضع لا يزال هشًا، ويتطلب حذرًا شديدًا، وجهودًا مكثفة لتجنب أي تصعيد جديد.













