أصدرت الحكومة الكويتية مرسومًا بقانون رقم 59 لسنة 2025 بشأن “مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها”، والذي يمثل تحديثًا هامًا للتشريعات المتعلقة بـمكافحة المخدرات في البلاد. يهدف هذا القانون الجديد إلى تعزيز الإطار الوطني لحماية المجتمع وتجريم كافة الأنشطة المتعلقة بالمخدرات بشكل أكثر صرامة، وذلك في ضوء التحديات المتزايدة التي تواجهها الكويت في هذا المجال. وقد نشر المرسوم في الجريدة الرسمية “الكويت اليوم” ويدخل حيز التنفيذ بعد 14 يومًا من تاريخ نشره.
يأتي هذا التشريع في وقت تشهد فيه الكويت، مثل العديد من دول المنطقة، جهودًا متزايدة لمواجهة خطر تهريب وتعاطي المخدرات. ووفقًا لتقارير رسمية، فإن أنواع المخدرات المنتشرة تشمل الحشيش، الهيروين، الكوكايين، والمؤثرات العقلية الاصطناعية، بالإضافة إلى الأدوية المخدرة التي يتم استخدامها بشكل غير قانوني. الهدف الرئيسي من القانون هو الحد من هذه الظواهر وحماية الشباب والمجتمع بشكل عام.
تحديث تشريعي شامل لـ مكافحة المخدرات
يُعد المرسوم بقانون الجديد نقلة نوعية في مجال مكافحة المخدرات في الكويت، حيث يتضمن 84 مادة مقسمة على 13 فصلًا. ويتميز القانون بتغليظ العقوبات وتوحيدها على جميع أنواع المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، مما يعكس حرص الدولة على التصدي لهذه الجرائم بكل حزم. ويأتي هذا التحديث استجابة للمتطلبات الدولية ومعايير الأمم المتحدة في مجال مكافحة المخدرات.
عقوبات مشددة على الجرائم المختلفة
يشمل القانون عقوبات صارمة على جرائم الجلب والتهريب والتصنيع والزراعة للمواد المخدرة، تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد وغرامات مالية كبيرة قد تصل إلى مليوني دينار كويتي (حوالي 6.6 مليون دولار أمريكي). بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تشديد العقوبات على جرائم الاتجار والترويج والبيع والشراء والمقايضة، مع التركيز بشكل خاص على الحالات التي تستغل القصر في هذه الأنشطة.
كما يعاقب القانون على الجرائم التي تتم في الأماكن الحساسة مثل المؤسسات العلاجية والتأهيلية والتعليمية والرياضية والسجون. ويعتبر القانون إجبار الغير على التعاطي بأي وسيلة جريمة يعاقب عليها القانون، بالإضافة إلى إنشاء أو إدارة العصابات والتنظيمات الإجرامية التي تهدف إلى ارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات.
من بين الجرائم التي يشدد عليها القانون أيضًا دس المواد المخدرة للغير بقصد اتهامهم بحيازتها أو إخفائها، واستخدام الوظيفة العامة أو النفوذ في ارتكاب الجرائم المتعلقة بـالمخدرات. هذه الإجراءات تهدف إلى منع استغلال السلطة أو المنصب في تسهيل عمليات تهريب أو ترويج المخدرات.
دور الديوان الوطني لحقوق الإنسان
أشاد الديوان الوطني لحقوق الإنسان في الكويت بالمرسوم بقانون الجديد، واصفًا إياه بأنه خطوة تشريعية نوعية تعزز الإطار الوطني لحماية المجتمع وصون الحقوق الأساسية. وأكد الديوان على أهمية تحديث المنظومة التشريعية في هذا المجال لمواكبة التطورات الدولية وضمان توفير الحماية المتكاملة للمجتمع.
وأشار الديوان إلى أن مكافحة المخدرات وحماية المجتمع تتطلب شراكة وطنية شاملة، وأن إصدار هذا المرسوم يمثل خطوة محورية في تعزيز الأمن الإنساني وتحقيق حق المجتمع في السلامة والصحة العامة. ويؤكد هذا التوجه على أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بحماية حقوق الإنسان في سياق جهود مكافحة المخدرات.
تأثيرات القانون المحتملة والخطوات القادمة
من المتوقع أن يكون لهذا القانون تأثير كبير على جهود مكافحة المخدرات في الكويت، حيث سيعزز من قدرة السلطات على التصدي لتهريب وتعاطي المخدرات وتجريم الأنشطة المتعلقة بها. كما أنه سيعزز من الوعي العام بمخاطر المخدرات وأضرارها على الفرد والمجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون الجديد يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية في مجال مكافحة المخدرات، مما يعزز من التعاون بين الكويت والدول الأخرى في هذا المجال. ويعتبر هذا التوافق مع المعايير الدولية أمرًا هامًا لضمان فعالية جهود مكافحة المخدرات.
الخطوة التالية المتوقعة هي إصدار اللوائح التنفيذية للقانون، والتي ستحدد آليات التطبيق والإجراءات اللازمة لتنفيذ أحكامه. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من هذه اللوائح في غضون الأشهر القليلة القادمة. وسيتم بعد ذلك تدريب الجهات المعنية على تطبيق القانون الجديد، بما في ذلك الشرطة والقضاء والسجون.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي قد تواجه تطبيق القانون الجديد، مثل الحاجة إلى زيادة الموارد المتاحة لجهات إنفاذ القانون وتوفير برامج علاج وتأهيل فعالة للمدمنين. كما أن التعاون مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية يعتبر أمرًا ضروريًا لضمان نجاح جهود مكافحة المخدرات.
من المهم متابعة كيفية تطبيق القانون الجديد وتقييم أثره على جهود مكافحة المخدرات في الكويت. كما يجب مراقبة التطورات المتعلقة بتهريب وتعاطي المخدرات في المنطقة، والاستعداد لمواجهة أي تحديات جديدة قد تظهر.












