شمال سوريا- بدأ العديد من اللاجئين السوريين في تركيا بالتدفق إلى المعابر البرية الحدودية منذ بدء المعارضة السورية المسلحة إعلان سيطرتها على مدن حلب وحماة وحمص، تزامنا مع العمليات العسكرية التي أطلقتها في ريف حلب، قبل أن تعلن أخيرا دخول العاصمة دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد.
وشجعت استعادة فصائل المعارضة مساحات واسعة من البلاد، منذ بدء عملية “ردع العدوان” في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عدة لاجئين سوريين في مدن الجنوب التركي على التفكير بالعودة لإعادة بناء حياتهم من جديد، مع شبه توقف للأعمال العسكرية وبدء المعارضة تقديم الخدمات الأساسية في المدن المحررة حديثا.
ومن أمام معبر باب الهوى الحدودي، قال اللاجئ السوري عمار عكام إنه عائد بشكل طوعي ونهائي إلى مدينته حلب من أجل إعادة إعمار منزله المدمر بفعل القصف والمعارك شرقي المدينة.
ذكريات
وأضاف عكام للجزيرة نت أنه ينتظر بفارغ الصبر الوصول إلى حلب ولقاء أقاربه وأصدقائه بعد فراق دام أكثر من 10 سنوات، وأنه يرغب في زيارة كل حي وشارع كان له ذكريات فيه ما زالت في مخيلته. ولفت إلى أنه يعتزم العمل في مهنة الطلاء والديكور التي يتقنها منذ أن كان مراهقا، مؤكدا أن سوريا “ستكون بحاجة العمال والحرفيين في مرحلة إعادة البناء”.
أما اللاجئ محمد درغام الواصل حديثا من تركيا إلى مدينة عندان بريف حلب، فأكد أن المدينة مدمرة بالكامل، ولا تبدو فيها أي مظاهر للحياة، موضحا أنه سوف يستقر في إدلب ريثما تتم إعادة إعمار مدينته.
وأفاد درغام للجزيرة نت بأن سوريا “تحتاج عدة سنوات من العمل والجهد حتى تعود لسابق عهدها”، وأنه فضل العودة رغم ذلك كون إدلب أصبحت مدينة تعج بالحركة ورواد الأعمال والمنشآت الصناعية. وهو يعمل في صناعة المخللات، لافتا إلى أنه سيفتح ورشة صغيرة في شمال سوريا، كما بدأ عند قدومه إلى تركيا قبل 8 سنوات.
ويؤكد قائمون على المعابر الحدودية أنها ستشهد زيادة مطردة بأعداد السوريين العائدين إلى ديارهم في المرحلة المقبلة، مع الاستقرار الأمني والعسكري تدريجيا في سوريا، مرجحين أن تقدم الحكومة التركية تسهيلات بخصوص هذه المسألة.
معدل طبيعي
وبحسب مازن علوش مدير المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى -الذي يربط تركيا بمحافظة إدلب- فإن نسبة كبيرة من القادمين هم من حاملي الإقامات أو الجنسية المزدوجة السورية والتركية قصدوا زيارة سوريا والاطمئنان على أقاربهم وذويهم.
وقال للجزيرة نت إنه يمكن وصف حركة العبور في الوقت الراهن ضمن المعدل الطبيعي، وإن التسهيلات من جانب الحكومة التركية سوف تسرع عمليات العودة.
وحسب علوش، فإن الدمار الذي ما زال في أحياء حلب الشرقية وريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي قد يكون عائقا وعاملا غير جاذب لأهالي تلك المناطق الذين ينتظرون أن تتم عمليات إعادة إعمار مدنهم وبلداتهم المدمرة.
وأعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أنه يعيش في بلاده نحو مليونين و938 ألف سوري، يوجد 550 ألفا منهم في ولاية إسطنبول، و470 ألفا في غازي عنتاب، ونحو 440 ألفا في هاتاي، وفق إحصاءات رسمية للهجرة التركية.