يرتدي الشاب الفلسطيني أحمد أبو سكر زي مهرج، ويتنقل بين الأحياء المتضررة في قطاع غزة في محاولة لإدخال البهجة على قلوب الأطفال، على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها القطاع. تأتي هذه المبادرة وسط استمرار الحرب الإسرائيلية وتداعياتها الإنسانية، وتسليط الضوء على أهمية الدعم النفسي للأطفال في مناطق النزاع، خاصةً مع ارتفاع عدد الضحايا والمصابين. تعتبر هذه الجهود الفردية مبادرة لدعم **الصحة النفسية للأطفال** في غزة.
يواصل أبو سكر، البالغ من العمر 28 عامًا، تقديم عروض ترفيهية بسيطة في المخيمات والأحياء المدمرة، بهدف تخفيف الصدمات النفسية التي يعاني منها الأطفال في غزة. ورغم فقدانه أعضاء من عائلته وتدمير منزله، يصر على الاستمرار في عمله التطوعي، معتقدًا أن الابتسامة هي أفضل سلاح لمواجهة الألم والمعاناة.
أهمية التدخلات النفسية في ظل الأزمات
تأتي مبادرة أبو سكر في وقت تشهد فيه غزة أزمة إنسانية عميقة، حيث يعاني الأطفال من فقدان المأوى، وتكرار النزوح، وانعدام الأمن، وحرمانهم من التعليم والرعاية الصحية المناسبة. وفقًا لتقارير صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الأطفال المتضررين نفسيًا كبير جدًا، ويتطلب تدخلًا عاجلاً وشاملاً. وعليه، تبرز أهمية **الصحة النفسية للأطفال** كجزء لا يتجزأ من الرعاية الصحية الشاملة.
الأطفال في غزة يواجهون مشاهد عنف وتدمير بشكل يومي، مما يؤدي إلى ظهور أعراض صدمات نفسية حادة مثل القلق، والخوف، والاكتئاب، واضطرابات النوم والشهية. كما أن فقدان الأهل والأصدقاء يزيد من تفاقم هذه المشكلات، ويترك آثارًا طويلة الأمد على الصحة النفسية والاجتماعية للأطفال.
تحديات توفير الدعم النفسي في غزة
يواجه العاملون في مجال الصحة النفسية في غزة تحديات كبيرة في تقديم الدعم اللازم للأطفال المتضررين. يشمل ذلك نقص الكوادر المتخصصة، وانهيار البنية التحتية الصحية، وصعوبة الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا بسبب استمرار القصف والقيود المفروضة على الحركة. بالإضافة إلى ذلك، ندرة الموارد المالية المتاحة لتمويل برامج الدعم النفسي يمثل عائقًا كبيرًا أمام توسيع نطاق هذه الخدمات.
تؤكد المنظمات الحقوقية على الحاجة الماسة إلى توفير الدعم النفسي للأطفال في غزة، وتدعو إلى إزالة العوائق التي تحول دون وصول هذا الدعم إليهم. ويشمل ذلك توفير الحماية للأطفال من العنف، وضمان حصولهم على الرعاية الصحية المناسبة، وتوفير فرص التعليم واللعب، وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة.
ويعتبر أبو سكر مثالًا حيًا على قوة الإرادة والصمود في وجه المحنة، وعلى أهمية التضامن والتعاون في تقديم الدعم اللازم للمتضررين. ويشير إلى أن انشغاله مع الأطفال يمنحه فرصة للتغلب على الألم واليأس، ويساعده على التكيف مع الواقع الصعب الذي يمر به. فالتركيز على إدخال السرور والسعادة على قلوب الأطفال يعطي معنى جديدًا لحياته، ويذكره بأهمية الأمل والتفاؤل.
يجد أبو سكر، الذي يعيش وحيدًا بعد تدمير منزله وفقدان عائلته، عزاءً في ضحكات الأطفال ويعتبرها بمثابة إعادة إحياء لذكريات أحبائه. ويعتمد في عمله على أدوات بسيطة، مثل الأزياء الملونة والمستوحاة من بقايا منزله المدمر، لإضفاء جو من المرح والسعادة على التجمعات الصغيرة التي ينظمها للأطفال. هذه المبادرة تعزز **الصمود النفسي** لدى الأطفال وتساعدهم على تجاوز محنتهم.
تداعيات الحرب المستمرة على غزة
تأتي هذه الجهود الفردية في ظل حرب إسرائيلية مستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، خلفت دمارًا واسعًا وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال. وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد تجاوز عدد الشهداء 70 ألفًا، فيما يقدر عدد الجرحى بأكثر من 171 ألفًا. كما أن الحصار المفروض على القطاع يمنع دخول المساعدات والإمدادات الضرورية، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 56 ألف طفل في غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما، وأن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في ارتفاع مستمر. كما أن هناك نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يعيق تقديم الرعاية الصحية اللازمة للأطفال. وتؤثر هذه الظروف بشكل كبير على **الرفاه النفسي والاجتماعي للأطفال** وتزيد من خطر تعرضهم لمشاكل نفسية وسلوكية.
من المتوقع أن تستمر الحاجة إلى الدعم النفسي للأطفال في غزة لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب. وضرورة الاستمرار في جهود إعادة الإعمار، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز الصمود النفسي لدى الأطفال، من خلال توفير بيئة آمنة وداعمة تساعدهم على التعافي والتكيف مع الواقع.
حتى مع الوصول المحتمل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار، ستظل الآثار النفسية للحرب عميقة. الخطوات القادمة ستتطلب تقييمًا شاملاً للاحتياجات النفسية للأطفال، وتعبئة الموارد اللازمة لتوفير الدعم المناسب، والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان وصول هذا الدعم إلى جميع الأطفال المحتاجين. يجب متابعة **التدخل المبكر في الصحة النفسية** لضمان عدم تفاقم المشاكل النفسية لدى الأطفال.













