وقّع برنامج استدامة الطلب على البترول (OSP) مؤخرًا اتفاقيتين تعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بهدف تعزيز الاستدامة في القطاعات الحيوية. تهدف هذه الشراكة إلى تطوير حلول مدعومة بتقييمات علمية دقيقة، وبناء القدرات الوطنية في مجال الاستدامة، وتحسين كفاءة المبادرات التي تعتمد على استخدامات الهيدروكربونات. جاء التوقيع في سياق التزام البرنامج بدعم الابتكار وتبني المنهجيات العلمية لتحقيق أهداف المملكة في مجال الطاقة والتنمية.
تم توقيع الاتفاقيتين في مقر جامعة كاوست، ويأتي هذا التعاون في وقت تشهد فيه المملكة جهودًا متسارعة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء. تستهدف هذه المبادرات تنويع مصادر الطاقة وتقليل الانبعاثات وتعزيز الاقتصاد الدائري، مما يجعل الشراكة مع مؤسسة بحثية رائدة مثل كاوست أمرًا بالغ الأهمية.
تطوير حلول الاستدامة من خلال البحث العلمي
تركز الاتفاقية الأولى على تقييم الاستدامة لتقنية الخرسانة بمياه البحر التي يطورها تحالف نوفس كريت. تعتبر هذه التقنية من الابتكارات الواعدة في مجال البناء، حيث تعتمد على استخدام المياه المالحة، مما يقلل من الاعتماد على المياه العذبة النادرة. سيتم إجراء تقييمات شاملة باستخدام نمذجة دورة الحياة (LCA) وتكاليف دورة الحياة (LCC) لمقارنة الأداء البيئي والاقتصادي لهذه التقنية بالمواد التقليدية المستخدمة في البناء.
تحليل دورة الحياة (LCA) وأهميته
تعتبر نمذجة دورة الحياة أداة أساسية لتقييم الأثر البيئي للمنتجات والعمليات على مدار جميع مراحل حياتها، بدءًا من استخراج المواد الخام وصولًا إلى التخلص النهائي. تساعد هذه النمذجة في تحديد نقاط الضعف في العملية وتحسينها لتقليل البصمة البيئية. وفقًا لخبراء في مجال البيئة، فإن استخدام LCA يساهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن اختيار المواد والعمليات الأكثر استدامة.
بينما تركز الاتفاقية الثانية على تطوير منهجيات تقييم أكثر شمولية للاستدامة داخل برنامج OSP نفسه، وذلك من خلال تحليل الأثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي للمبادرات. يهدف هذا إلى تحسين جودة البيانات المستخدمة في التقييم وتوحيد أساليب التقييم، مما يضمن جاهزية المشاريع المستقبلية وتوافقها مع المعايير الدولية.
بالتزامن مع توقيع الاتفاقيات، نظمت كاوست ورشة عمل دولية جمعت نخبة من الخبراء وصناع السياسات وقادة الصناعة لمناقشة أهمية تحليل دورة الحياة (LCA) في تحقيق التنمية المستدامة. ركزت الورشة على دور بيانات الإفصاح البيئي للمنتجات (EPDs) في تعزيز القدرة التنافسية وتحسين شفافية سلاسل الإمداد.
تأتي هذه الشراكة في إطار الجهود الوطنية المتزايدة لتبني ممارسات الاقتصاد الدائري وتعزيز كفاءة استخدام الموارد. تسعى المملكة إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتنويع مصادر الطاقة، مما يجعل الاستدامة أولوية قصوى في جميع القطاعات.
تعتبر جامعة كاوست شريكًا رئيسيًا في تحقيق أهداف الاستدامة في المملكة، حيث تمتلك خبرات وبنية تحتية متقدمة في مجال البحث والتطوير. من خلال هذه الشراكة مع برنامج OSP، ستساهم كاوست في تطوير حلول مبتكرة تدعم التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات.
بالإضافة إلى ذلك، تساهم هذه المبادرة في تعزيز مكانة المملكة كوجهة رائدة في مجال الاستدامة والابتكار، وجذب الاستثمارات في التقنيات الخضراء. يعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف رؤية 2030 وتنويع مصادر الدخل.
من المتوقع أن تنتهي جامعة كاوست من إعداد التقارير الأولية لتقييمات الاستدامة بحلول الربع الأول من العام القادم. وتركز الجهود حاليًا على جمع البيانات المتعلقة بتقنية الخرسانة بمياه البحر وتطوير المنهجيات اللازمة لتحليل الأثر البيئي والاجتماعي للمبادرات المختلفة. يبقى التحدي في ضمان دقة وموثوقية البيانات المستخدمة في التقييمات، وتنفيذ التوصيات الناتجة عنها بشكل فعال.













