أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات في مدينة الفاشر السودانية، وذلك خلال جلسة طارئة عقدت يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025. ويأتي هذا القرار في ظل تصاعد التوترات والصراعات في المنطقة، حيث شهدت الفاشر مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية وميليشيات الدعم السريع.
وقد جاء هذا القرار بالإجماع من أعضاء المجلس، رغم تحفظات بعض الدول على نطاق التفويض الممنوح للبعثة. وستعمل البعثة على توثيق الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها، تمهيدًا لمحاسبتهم أمام العدالة.
توثيق الانتهاكات وتحديد المسؤولين
ستقوم البعثة الجديدة بتوثيق جميع الانتهاكات التي شهدتها الفاشر خلال الفترة الماضية، وتحديد هوية المسؤولين عنها. وقد أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى تقاعس المجتمع الدولي في التعامل مع هذه الأزمة، مؤكدًا أن “الفظائع كانت متوقعة وقابلة للمنع… لكنها لم تُمنع”.
وفي هذا السياق، قامت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتقدير أن نحو 100 ألف شخص فروا من الفاشر خلال الأسبوعين الماضيين فقط، مما يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي تشهدها المنطقة.
تحذيرات من خطر الإبادة الجماعية
وقد حذر المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي والمستشار الأممي لمنع الإبادة الجماعية أداما دينغ من أن “خطر الإبادة الجماعية في السودان حقيقي ويتزايد كل يوم”. وأكدت مونا رشماوي من بعثة تقصي الحقائق أن “مئات النساء والفتيات” تعرضن للاغتصاب على طرق الهروب “ومن دون خوف من المحاسبة”.
اتهامات متبادلة وتصريحات رسمية
واتهم ممثل السودان في مجلس حقوق الإنسان قوات الدعم السريع بأنها “ميليشيا وحشية تستوفي معايير الكيان الإرهابي”. في المقابل، انتقد المندوب الإماراتي جمال المشرخ كلا الطرفين، متهمًا الجيش السوداني بـ”هجمات عشوائية” استهدفت أسواقًا وقرى ومستشفيات.
وفي رد فعل رسمي، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان التعبئة العامة، ودعا السودانيين إلى حمل السلاح لمواجهة قوات الدعم السريع، مؤكدًا أنه “لا سلام مع هؤلاء المجرمين” وأن الحرب “لن تنتهي إلا بنهاية المتمردين”.
التداعيات الإنسانية والدولية
وشدد القرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان على ضرورة وصول إنساني غير مقيد للسكان المحاصرين، والسماح بدخول مساعدات منقذة للحياة. ويأتي هذا التأكيد في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في الفاشر وعدد من المناطق السودانية الأخرى.
وسيكون على المجتمع الدولي متابعة تنفيذ هذا القرار وتقديم الدعم اللازم لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وفي ظل استمرار التوترات والصراعات، يبقى الوضع في السودان محل مراقبة من قبل الأوساط الدولية.
وفي الختام، يتوقع أن تستمر الجهود الدولية لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في الفاشر، مع استمرار الضغط على الأطراف المتصارعة لوقف العنف والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. وستظل التطورات في السودان محل متابعة من قبل المجتمع الدولي في الفترة القادمة.













