وتتمثل المخاطر في عدة أوجه؛ منها التشوهات الخلقية، إذ يزداد خطر حدوث التشوهات الخلقية للجنين مع تقدم عمر الأم، خصوصاً بعد سن الـ35، إضافة لارتفاع ضغط الدم والسكري الحملي، إذ قد يزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري الحملي مع تقدم العمر؛ ما يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لكل من الأم والجنين، مع زيادة خطر حدوث مشكلات صحية للأم، وقد تزيد نسبة النساء اللواتي يحملن بعد سن الـ35 ويصبن بمشكلات صحية مثل الولادة المبكرة، والولادة القيصرية، وارتفاع ضغط الدم.
وبالنسبة لخطر الوفاة المبكرة، فهو يتأثر بعوامل متعددة مثل التغذية، وممارسة الرياضة، والعادات الصحية الأخرى. إذ لا يوجد عمر محدد يجعل المرأة عرضة للوفاة المبكرة، وإنما يعتمد على العوامل الصحية والوراثية ونمط الحياة.
وأفاد أن أكثر من 70% من أعمار السيدات اللاتي يلدن أقل من 35 عاماً، بينما 30% أكثر من 35 عاماً وتزداد لديهم نسبة الإصابة بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم.
دعم أسري ومعنوي
أشارت استشارية النساء والتوليد الدكتورة حنين عبدالجبار، إلى أن ثمة دراسة كندية نصت على وجود علاقة بين إنجاب الفتيات أو السيدات في العمر المبكر قبل سن 31 وحالات الوفاة المبكرة؛ بسبب عدم وجود الدعم الأسري والضغط النفسي والمشكلات النفسية، والتدخين واستخدام الأدوية المخدرة، والكحول؛ مما أدى في عمر لاحق إلى الانتحار، وكان هذا السبب الأساسي للوفاة.
وقالت: «ولكن بالنظر لمجتمعنا عند زواج الفتاة وأخذ قرار الإنجاب يتوفر دائماً الدعم المعنوي والأسري ومع المتابعة ما قبل الحمل لمعرفة ما يتوجب على الحامل فعله؛ سواءً من أخذ الأدوية المناسبة والامتناع عن الأشياء المضرة بالحمل، ونلاحظ أن نسبة المضاعفات قليلة، إلا إذا كان هناك تاريخ عائلي وراثي لبعض الحالات، ومن المتعارف عليه أنه بعد سن الـ٣٧ تكون المضاعفات في الحمل أكثر، ومع تقدم الطب والعلم فإن معظم المضاعفات لها علاج، ونسبة الوفاة ليست عالية».
وذكرت أن المضاعفات التي قد ترتفع مع العمر تشمل: تشوهات الجنين واضطرابات وخللاً في الكروموسومات والإجهاضات المتكررة، سكر الحمل، ارتفاع الضغط، والمشيمة المتقدمة، زيادة احتمال الولادة القيصرية، زيادة أو نقصان في حجم الجنين، ونزيف ما بعد الولادة.
مراعاة الحالة العمرية
أوضحت استشارية النساء والولادة وحالات الحمل الحرجة وطب الأجنة الدكتورة نداء عبدالإله صعيدي، أنه توجد دراسات أجنبية تقول أن الإنجاب في سن الـ31 يعرّض المرأة لخطر الوفاة المبكرة، وعلمياً غير سليم، إذ لا يوجد سن محدد مناسب لحمل المرأة من عدمه، ولكن يجب على المرأة الحامل مراعاة المرحلة العمرية التي تتم عملية الحمل فيها، ويمكن تقسيم المراحل العمرية للحامل وفقاً لعدد من المراحل؛ من سن أقل من 20 سنة تكون المرأة الحامل عرضة لاحتمالية الإسلاب والحمل خارج الرحم وتسمم الحمل، وعليه يجب على الحامل في هذا السن مراعاة الكشف المبكر للحمل والمتابعة الدورية والتغذية السليمة وأخذ الفيتامينات السليمة بعد توصية الطبيبة. ومن سن 20 إلى 35 سنة مثبت علمياً أنها الفترة الذهبية للحمل، حيث إنه في هذه الفترة تزيد خصوبة المرأة وتزيد جودة البويضات وتقل خطورة مضاعفات الحمل العامة مع أهمية عدم إهمال المرأة الحامل للمتابعة الدورية والكشف المبكر والتغذية السليمة والصحية. ومن سن 35 إلى 40 سنة نسبة الخصوبة تقل نسبياً ومضاعفات الحمل المتوقعة تزيد واحتمالية الحمل بجنين مصاب بمتلازمة داون ومتشابهاتها تزيد نسبياً، وعليه فعلى المرأة الحامل في هذه المرحلة العمرية عدم إهمال الكشف المبكر فوراً على الحمل، وننصح أيضاً بعمل الفحوصات الجينية للجنين كتحليل (فحص الكروموزومات للجنيين عن طريق عينة دم الأم) NIPT ويتم إجراء هذا التحليل بعد الأسبوع العاشر من الحمل.
أما الفترة العمرية ما بعد سن الـ40 إضافة إلى ما ذكر أعلاه تزيد احتمالية مضاعفات الحمل المتوقعة كالإسلاب وتسمم الحمل، ووفاة الجنيين المفاجئة، وصغر حجم الجنين والتشوهات الخلقية.
استعداد جسدي ونفسي
بخصوص الوفاة المبكرة التي لها علاقة بالإنجاب، أشارت الدكتورة نداء صعيدي إلى جملة من الأسباب منها:
المرأة الحامل بأمراض الدم الوراثية كالثلاسيميا وأنيميا الدم المنجلية، والحامل المصابة بأمراض القلب وضغط الدم والسكري، والحامل المصابة بأمراض الكلى، والحامل المصابة بالأمراض الروماتيزمية، والحامل المصابة بالأمراض المعدية كالإيدز والأمراض الفايروسية، والحامل المصابة بالأمراض السرطانية. وفي كلا الحالات المذكورة أعلاه؛ سواءً فيما يتعلق بعمر المرأة الحامل أو بالأمراض الوراثية والمزمنة، تزيد نسب سلامة ونجاح حمل المرأة والجنين في حالة المتابعة الدورية مع استشارية النساء والولادة المتخصصة في حالات الحمل الحرج وطب الأجنة، والتغذية السليمة وأيضاً ثقافة ووعي الحامل بمدى خطورة الحمل ومراعاة الأسباب المحافظة على سلامتها أولاً ومن ثم سلامة الجنين. وأخيراً الدور المهم والدعم المعنوي الذي يقدمه الزوج وتفهمه بموضعها الصحي والنفسي ودور العائلة المساند لها. وتشير دكتورة نداء صعيدي إلى حالة باشرتها في إحدى المناوبات في المستشفى، إذ تم إسعاف حالة إنقاذ حياة مريضة حامل في الثلاثينيات من العمر ولديها أطفال وفي الشهر الخامس من الحمل، وكانت حالتها حرجة جداً حيث كانت مصابة بفايروس كورونا، ما إدى إلى وضعها على جهاز التنفس الصناعي ومع أدوية داعمة للقلب، وبعد نقل المريضة إلى وحدة العناية المركزة الحرجة بالمستشفى جرى تكليفي بمتابعة حالتها شخصياً بحكم أني طبيبة متخصصة في حالات الحمل الحرجة وطب الأجنة. وخلال تواجد المريضة في وحدة العناية المركزة الحرجة لاحظنا تدهور حالتها وبناءً عليه تم اتخاذ قرار فوري لإنهاء الحمل وإنقاذ حياة الأم، وبعد المناقشة المطولة مع أسرة المريضة وأهمية اخذ هذا الإجراء تمت الموافقة وتم إنهاء الحمل بسلامة، وتحسنت في اليوم التالي حالة المريضة وتم إخراجها من وحدة العناية المركزة الحرجة وهي في أتم صحة وأكمل عافية، والمستفاد من هذه القصة أن الدعم الأسري والتفهم بمدى خطورة هذه الأمراض على سلامة الأم أولاً ومن ثم سلامة الجنين هو الأساس لسلامة أي حمل وتلافي الوفاة المبكرة للمرأة الحامل.
من جهتها، تقول استشارية النساء والتوليد علا عيسى لا مانع من الحمل بعد سن 35 عاماً؛ حيث إنني أتابع سيدات حوامل بعد هذا العمر، وهن بصحة جيدة. وأضافت: «السن المناسب للحمل هو الوقت الذي تكون فيه المرأة مستعدة نفسياً وجسدياً للاستمتاع بمرحلة الحمل والولادة والأمومة، وعالمياً أسباب وفيات الأمهات تتلخص في النزيف بعد الولادة وتسمم الحمل والجلطات، في حين أن المتابعة الجيدة وتثقيف الحوامل بتسمم الحمل يساهم في التقليل من مضاعفات المرض والتقليل من وفيات الأمهات والمواليد.
نساء يروين تجاربهن
تقول سيدة فضلت عدم ذكر اسمها: تزوجت في مقتبل عمر الأربعين وأنجبت طفلة، وبعد عشر سنوات أنجبت طفلة ثانية، ولكن من المؤكد كانت توجد متابعة دقيقة لمراحل الحمل ومحافظة على الوزن لمنع حدوث مضاعفات صحية أو الإصابة بالضغط والسكر.
وتضيف هيفاء: تزوجت بعمر 19 عاماً وأنجبت طفلي الأول وبعد خمس سنوات أنجبت طفلي الثاني، وأموري الصحية على ما يرام، وأرى أن كلما أنجبت المرأة قبل عمر 35 كان أفضل على المستوى الصحي والاجتماعي والمقدرة على تربية الأبناء.
أما حنان فلها قصة مختلفة، إذ أنجبت الطفل الأول وهي في عمر 23 عاماً، وبعد مضي 15 عاماً رزقت بطفل آخر وتقول كنت خائفة جداً؛ لأن الحمل في منتصف الثلاثين، ولكن كنت حريصة جداً على الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحمل إلى أن وضعت طفلي ونحن بصحة جيدة.